قوله ( تعالى ){[44588]} : { مَن يَرْزُقُكُمْ مِّنَ السماوات } المطر «و » من «الأَرْضِ » النبات «قُل اللَّهُ » يعني إن لم يقولوا رازقنا الله فقل أنت رازقكم الله .
قوله : { أو إيّاكُمْ } عطف على اسم «إن » وفي الخبر أوجه :
أحدها : أن الملفوظ به الأول{[44589]} . وحذف خبر الثاني للدلالة عليه أي وإنَّا لعَلَى هُدًى أو في ضلال أو إنكم لَعَلى هدى أو في ضلال .
والثاني : العكس أي حذف الأول والملفوظ به خبر الثاني{[44590]} . وهو خلاف مشهور وتقدم تحقيقه عند قوله : { فالله وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ }{[44591]} [ التوبة : 62 ] . وهذان الوجهان لا ينبغي أي يحملا على ظاهرهما قطعاً لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يشكّ أنه على هدى ويقين وأن الكفار على ضلال وإنما هذا الكلام جارٍ على ما تتخاطب به العرب من استعمال الإنصاف في محاوراتهم على سبيل الفرض والتقدير{[44592]} ويسميه أهل البيان الاسْتِدْرَاجَ وهو أن يذكر المخاطب أمراً يسلمه وإن كان بخلاف ما يذكر حتى يُصْغِي إلى ما يلقيه إليه إذ لو بدأه بما يكره لم يَصْغَ ، ونظيره قولهم : أخْزَى اللَّهُ الكَاذِبَ مِنِّي ومِنْكَ{[44593]} ومثله قول الآخر :
4131- فَأيِّي مَا وأيُّكَ كَانَ شَرًّا . . . فَقِيدَ إلَى المُقَامَةِ لا يَرَاهَا{[44594]}
وقول حسان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- :
4132- أَتَهْجُوهُ وَلَسْتَ لَهُ بِكُفْءٍ . . . فَشَرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الفِدَاءُ{[44595]}
مع العلم لكل أحد أنه - صلى الله عليه وسلم - خير خلق الله كلهم .
الثالث : أنه من باب اللف والنشر والتقدير : وَإنَّا لَعَلَى هُدًى وإنَّكُمْ لَفِي ضَلاَلٍ مُبين ولكن لفَّ الكَلاَمَيْنِ وأخرجهما كذلك لعدم اللبس{[44596]} ، وهذا لا يتأتي إلا أن تكون «أو » بمعنى الواو . وهي مسألة خلاف{[44597]} ومن مجيء «أو » بمعنى الواو قوله :
4133- قَوْمٌ إذَا سَمِعُوا الصَّرِيخَ رَأَيْتَهُمْ . . . مَا بَيْنَ مُلْجِم مُهْرِهِ أَوْ سَافِع{[44598]}
وتقدم تقرير هذا{[44599]} ، وهذا الذي ذكرناه منقول عن أبي عبيدة{[44600]} .
الرابع : قال أبو حيان : و «أو » هنا على موضوعها لكونها لأحد الشيئين وخبر «إنَّا أَوْ إيَّاكُمْ » هو «لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ » ولا يحتاج إلى تقدير حذف إذ المعنى إن أحدنا لفي أحد هذين لقولك : «زَيْدٌ أو عمرو في القصر أو في المسجد » لا يحتاج إلى تقدير حذف إذ معناه أحد هذين في أحد هذين{[44601]} .
وقيل : الخبر محذوف ثم ذكر ما تقدم إلى آخره{[44602]} ، وهذا الذي ذكره تفسير معنى لا تفسير إعراب . ( والناس ){[44603]} نظروا إلى تفسير الإعراب فاحتاجوا إلى ما ذكرناه{[44604]} .
وذكروا في الهدى كلمة «على » وفي الضلال كلمة «في » لأن المهتدي كأنه مرتَفع مطَّلع فذكره بكلمة «التعالي » والضال منغمس في الظلمة غريق فيها فذكره بكلمة «في »{[44605]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.