تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞قُلۡ مَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ قُلِ ٱللَّهُۖ وَإِنَّآ أَوۡ إِيَّاكُمۡ لَعَلَىٰ هُدًى أَوۡ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (24)

الآية 24 وقوله تعالى : { قل من يرزقكم من السماوات والأرض } هذا في الظاهر ، وإن كان استفهاما فهو على التقرير والإيجاب ، لأنا قد ذكرنا أن كل استفهام كان من الله فهو على التقرير والإيجاب .

ثم لو ذلك من [ أن ]{[17008]} يكون منه الاستفهام لكان جواب قوله{[17009]} : { من يرزقكم من السماوات والأرض } قولهم{[17010]} : الله يرزقنا كقوله : { من يرزقكم من السماوات والأرض } وقوله{[17011]} : { فسيقولون الله } [ يونس : 31 ] .

فيقول لهم : فإذا علمتم أن الله هو رازقكم فكيف صرفتم عبادتكم عنه إلى من تعلمونه أنه لا يملك شيئا من رزقكم ؟ كقوله : { إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق } [ العنكبوت : 17 ] ذُكر في حرف ابن مسعود وحفصة : { قل من يرزقكم من السماوات والأرض } قالوا الله ، قال : { وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين } .

وقال بعضهم : في قوله : { قل من يرزقكم من السماوات } من مطر { والأرض } النبات . فإن أجابوك ، فقالوا : الله ، وإلا ، فقل : الله يفعل ذلك لكم ، فكيف تعبدون غيره ؟ { وإنا أو إياكم لعلى هدى } يقول ذلك رسول الله لأهل مكة ، إنا لعلى هدى ، أو إنا وإياكم لفي ضلال مبين .

وقال بعضهم : معناه : وإنا لعلى هدًى ، وإنكم{[17012]} لفي ضلال مبين . ولكن ليس هذا في ظاهر هذا الكلام .

وجائز أن يكون هذا على تعريض الشتم لهم بالضلال والكناية لذلك كما يقول الرجل لآخر في حديث أو خبر يجري بينهما : إن أحدنا لكاذب في ذلك ، أي أنت كاذب في ذلك ، لكنه تعريض منه ذلك ، ليس بتصريح .

وقال قتادة : هذا قول محمد وأصحابه لأهل الشرك ، والله أعلم : [ ما ]{[17013]} نحن وأنتم على أمر واحد ، والله إن أحد الفريقين لمهتد ، والفريق الآخر في ضلال مبين ، فأنتم تعلمون أنا على هدى لما أقمنا من الدلائل والحُجج والبراهين على ذاك ، وأنتم لا .

وقال بعضهم : قال ذلك لأن كفار مكة قالوا للنبي وأصحابه : تعالوا ننظر في معايشنا /436-أ من أفضل دينا ؟ أنحن أم أنتم ؟ فعلى ذلك نكون في الآخرة . فرد الله تعالى ذلك عليهم في قوله : { أم حسب الذين اجترحوا السيئات } الآية [ الجاثية : 21 ] .


[17008]:ساقطة من الأصل وم.
[17009]:من م، في الأصل: قومه.
[17010]:في الأصل وم: يقولون.
[17011]:في الأصل وم: ثم قال.
[17012]:في الأصل وم: وإياكم.
[17013]:ساقطة من الأصل وم.