الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{۞قُلۡ مَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ قُلِ ٱللَّهُۖ وَإِنَّآ أَوۡ إِيَّاكُمۡ لَعَلَىٰ هُدًى أَوۡ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (24)

{ قُلْ مَن يَرْزُقُكُمْ مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } هذا على جهة الإنصاف في الحجاج كما يقول القائل : أحدنا كاذب وهو يعلم أنه صادق وأنّ صاحبه كاذب .

والمعنى : ما نحن وأنتم على أمر واحد ، إنّ أحد الفريقين لمهتد والآخر ضال . فالنبيّ ومن معه على الهدى ومن خالفه في ضلال ، فكذبهم بأحسن من تصريح التكذيب .

وقيل هذا على جهة الاستهزاء بهم وهو غير شاك في دينه ، وهذا كقول الشاعر وهو أبو الأسود :

يقول الأرذلون بنو قُشير*** طوالَ الدهر لا تنسى عليّا

بنو عم النبي وأقربوه *** أحبُّ الناس كلّهمُ إلَيّا

فإن يك حبهم رشداً أصبْهُ *** وليس بمخطئ إن كان غياً

فقاله من غير شك ، وقد أيقن أن حبهم رشد .

وقال بعضهم : { أَوْ } بمعنى الواو ، يعني : إنا لعلى هدىً وإنكم إياكم لفي ضلال مبين ، كقول جرير :

أثعلبة الفوارس أو رياحا *** عدلت بهم طُهيّة والخشابا

يعني ثعلبة ورياحا .