الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{۞قُلۡ مَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ قُلِ ٱللَّهُۖ وَإِنَّآ أَوۡ إِيَّاكُمۡ لَعَلَىٰ هُدًى أَوۡ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (24)

ثم قال تعالى : { قل من يرزقكم من السماوات والأرض } أي : قل يا محمد لهؤلاء المشركين من يرزقكم من السماوات والأرض ؟ أي : من ينزل عليكم الغيث من السماء ويخرج النبات من الأرض لأقواتكم ومنافعكم ؟

ثم قال تعالى : { قل الله } وفي الكلام حذف أي : فإن قالوا لا ندري فقل : الله وكذلك كل ما كان مثله قد حذف منه الجواب لدلالة الكلام عليه .

ثم قال تعالى : { وإنا أوياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين } أي : أحدنا على خطأ في مذهبه والتقدير : وإنا لعلى هدى أو في ضلال مبين أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين ، ثم حذف " هدى " وقد علم المعنى في ذلك كما تقول ، أنا أفعل كذا وأنت تفعل كذا وأحدنا مخطئ وقد عرف من هو المخطئ .

و{ لعلى هدى } خبر عن إياكم وخبر الأول محذوف لدلالة الكلام عليه ، ويجوز أن يكون خبرا للأول وهو اختيار المبرد{[55969]} .

فيكون خبر الثاني هو المحذوف .

ولو عطفت على الموضع فقلت : وأنتم{[55970]} لكان لعلى هدى خبرا للأول لا غير{[55971]}

وقيل : المعنى ، وإنا لعلى هدى وإياكم لفي ضلال مبين " أو " بمعنى الواو .

وهو قول أبي عبيدة{[55972]} .

وقال البصريون : أو على بابها : وليست للشك ، وإنما تكون في مثل هذا في كلام العرب تدل على أن المخبر لم يرد أن يبين ، وهو عالم بالمعنى لكنه لم يرد أن يبين من هو المهتد{[55973]} .

وقيل : أو على بابها ، ولكن معنى الكلام الانتقاص للمشركين والاستهزاء بهم ، أي : قد بين أن آلهتهم لا ترزق شيئا ولا تنفع ولا تضر ، وهو مثل قولك للرجل والله إن أحدنا لكاذب وقد علمت من هو الكاذب ولكن أردت توبيخه واستنقاصه وتكذيبه فدللت عن ذلك بلفظ غير مكشوف{[55974]} فأمر الله النبي صلى الله عليه وسلم أن يكذبهم ويعيرهم في دينهم بلفظ غير مكشوف .


[55969]:انظر: إعراب النحاس 3/347 ومشكل الإعراب لمكي 2/587 والجامع للقرطبي 14/299
[55970]:في مشكل الإعراب 2/588 وكذلك الجامع للقرطبي 14/299 "أو أنتم"
[55971]:انظر: مشكل الإعراب 2/588 والجامع للقرطبي 14/299
[55972]:انظر: مجاز أبي عبيدة 2/148 والمحرر الوجيز 13/137 والجامع للقرطبي 14/299، وفتح القدير 4/326
[55973]:انظر: الجامع للقرطبي 14/299
[55974]:انظر: الجامع للقرطبي 14/299