{ ولم يعيى بخلقهن } : أي لم يتعب ولم ينصب لخلق السموات والأرض .
{ بقادر على أن يحيي الموتى بلى } : أي انه قادر على إحياء الموتى وإخراجهم من قبورهم للحشر .
ما زال السياق في مطلب هداية قريش الكافرة بالتوحيد المكذبة بالبعث والنبوة فقال تعالى { أو لم يروا } أي أعمُوا { أولم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض } إنشاءًا وإِبداعا من غير مثال سابق { ولم يعي } أي ينصب ويتعب { بخلقهن } أي السموات والأرض بقادر على أن يحيي الموتى لحشرهم إليه ومحاسبتهم ومجازاتهم بحسب أعمالهم في الدنيا الحسنة بعشر أمثالها والسيئة بمثلها { بلى إنه على كل شيء قدير } .
قوله تعالى : " أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض " الرؤية هنا بمعنى العلم . و " أن " واسمها وخبرها سدت مسد مفعولي الرؤية . " ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير " احتجاج على منكري البعث . ومعنى " لم يعي " يعجز ويضعف عن إبداعهن . يقال : عي بأمره وعيي إذا لم يهتد لوجهه ، والإدغام أكثر . وتقول في الجمع عيوا ، مخففا ، وعيوا أيضا بالتشديد . قال
عَيُّوا بأمرهمُ كما *** عَيَّتْ بِبَيْضَتِهَا الحَمَامَهْ{[13884]}
وعييت بأمري إذا لم تهتد لوجهه . وأعياني هو . وقرأ الحسن " ولم يعي " بكسر العين وإسكان الياء ، وهو قليل شاذ ، لم يأت إعلال العين وتصحيح اللام إلا في أسماء قليلة ، نحو غاية وآية . ولم يأت في الفعل سوى بيت أنشده الفراء ، وهو قول الشاعر :
فكأنها بين النساء سَبِيكَةٌ *** تمشِي بسدة{[13885]} بيتها فَتُعِيّ
" بقادر " قال أبو عبيدة والأخفش : الباء زائدة للتوكيد كالباء في قوله : " وكفى بالله شهيدا " [ النساء : 166 ] ، وقوله : " تنبت بالدهن " {[13886]} [ المؤمنون : 20 ] . وقال الكسائي والفراء والزجاج : الباء فيه خلف الاستفهام والجحد في أول الكلام . قال الزجاج : والعرب تدخلها مع الجحد تقول : ما ظننت أن زيدا بقائم . ولا تقول : ظننت أن زيدا بقائم . وهو لدخول " ما " ودخول " أن " للتوكيد . والتقدير : أليس الله بقادر ، كقوله تعالى : " أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر " {[13887]} [ يس : 81 ] . وقرأ ابن مسعود والأعرج والجحدري وابن أبي إسحاق ويعقوب " يقدر " واختاره أبو حاتم ، لأن دخول الباء في خبر " أن " قبيح . واختار أبو عبيد قراءة العامة ، لأنها في قراءة عبد الله " خلق السموات والأرض قادر " بغير باء . والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.