قوله تعالى : { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ الله الذي خَلَقَ السماوات والأرض . . } اعلم أنه تعالى قرر من أول السورة إلى ههنا أمر التوحيد والنبوة . ثم ذكر ههنا تقرير القادر من تأمل في ذلك علم أن المقصود من القرآن كله تقرير هذه الأصول الثلاثة . واعلم أن المقصود من هذه الآية الدلالة على كونه تعالى قادراً على البعث ، لأنه تعالى أمام الدليل على خلق السموات والأرض وخلقها أعظم من أعادة هذا الشّخص حيًّا بعد أن كان ميِّتاً ، والقادر على الأكمل لا بدّ وأن يكون قادراً على ما دونه{[51124]} .
قوله : { وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ } العامة على سكون العين وفتح الياء مضارع «عِيِيَ » بالكسر يَعْيَا بالفتح فلما دخل الجازم حذف الألف . وقرأ الحسن يَعِي بكسر العين{[51125]} وسكون الياء . قالوا : وأصلها عَيِيَ بالكسر فجعل الكسر فتحة ، على لغة طَيِّىء فَصَار «عَيَا » ، كما قالوا في بَقِي : بَقَا . ولما بنى الماضي على «فَعَلَ » بالفتح جاء مضارعه على يَفْعِلُ{[51126]} بالكسر فصار يَعْيي مثل يَرْمِي ، فلما دخل الجَازم حذف الياء الثانية{[51127]} فصار : لَمْ يَعْيِ{[51128]} بعين ساكنة وياءٍ مكسورة ، ثم نقل حركة الياء إلى العين{[51129]} فصار اللفظ كما تَرَى{[51130]} . وقد تقدم أن عَيِيَ وحَيِيَ فيها لغتان ، الفَكّ{[51131]} والإدغام{[51132]} . فأما حَيِيَ فتقدَّمَ في الأنفال{[51133]} و ( أما ){[51134]} عَيِيَ فكقوله :
4460 عَيّوا بأمْرِهِمْ كمَا عَيْ *** يَتُ ببيضَتِهَا الحَمَامَهْ{[51135]}
والعي عدم الاهتداء إلى جهةٍ . ومنه العَيُّ في الكلام ، وعَيِيَ بالأَمر إذا لم يهتد لوجهه{[51136]} .
قوله : «بِقَادِرٍ » الباء زائدة وحَسَّنَ زيادتَها كَوْنُ الكلام في قوة «أَلَيْسَ اللهُِ بِقَادرٍ »{[51137]} . قال أبو عبيدة{[51138]} ، والأخفش{[51139]} : الباء زائدة للتوكيد ، كقوله : { تَنبُتُ بالدهن } [ المؤمنون : 20 ] وقاس الزجاج «مَا ظَنَنْتُ أَنَّ أحداً بِقَائِمٍ » عَلَيْهَا{[51140]} . والصحيح التوقف . وقال الكسائي{[51141]} والفراء{[51142]} العرب تدخل الباء في الاستفهام فتقول : ما أظُنُّكَ بقائمٍ .
وقرأ عيسى ، وزيد بن علي «قَادِرٌ » بغير ياء{[51143]} .
قوله : «بلى » إيجاب لما تضمنه الكلام من النفي في قوله : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.