تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَلَمۡ يَعۡيَ بِخَلۡقِهِنَّ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يُحۡـِۧيَ ٱلۡمَوۡتَىٰۚ بَلَىٰٓۚ إِنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (33)

الآية 33 وقوله تعالى : { أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض } الآية ؛ والإشكال ما معنى قوله : { أو لم يروا } وهم لم يشاهدوا خلقهما ؛ ولم يروا ؟ لكن قال بعضهم : أي أولم يُخبَروا . وقال بعضهم : أو لم يعلموا ؟ أي قد أُخبروا ، أو علموا ذكر هذا لأنهم كانوا مقرّين جميعا { أن الله الذي خلق السماوات والأرض } .

ثم قوله تعالى : { ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى } يقول ، والله أعلم ، أي لما علموا أن الله سبحانه وتعالى هو خلق السماوات والأرض ، ولم يُضعفه خلق ما ذكر ، ولم يُعجزه ذلك عن تدبير ما يحتاج ذلك إليه من الإمساك والقيام بما به قوام ما خلق فيهن من الخلائق وإصلاحهم . فإذ لم يعجز عما ذكر لا يحتمل أن يكون عاجزا عن إحياء الموتى أو عن شيء البتّة .

أو يقول : حين{[19375]} لم يعيَ ، ولم يظهر فيه الضعف في خلق ما ذكر ، ثم لا أحد يملك أن يعمل عملا إلا ويظهر منه الضعف ؛ فإذا لم يعجز ، ولم يضعُف في خلق ما ذكر ، دلّ ذلك على أنه إنما لم يُضعفه لأن قدرته ذاتية . ومن كانت قدرته ذاتية لم يُعجزه شيء . فأما غيره فإنما يعمل بأسباب ؛ فيقدر على العمل على قدر الأسباب ، ويعجز ربما عنه ، والله أعلم .

أو يقول : إذ قد عرفتم أن الله تعالى ، هو خلق السماوات والأرض ، ثم لا يحتمل أن يخلُقهما باطلا عبثا . وأصله ما ذكرنا بدءا ، أن من قدر على إنشاء من ذكر من السماوات والأرض وما فيهما بلا احتذاء تقدّم ولا استعانة بغير . ثم الإمساك والقوام على التدبير الذي دبّر إلى آخر الدهر لا يحتمل أن يُعجزه شيء .

وقوله تعالى : { بلى إنه على كل شيء قدير } لأنه قادر بذاته لا بقدرة مستفادة .

قال أبو عوسجة والقتبيّ : قوله : { ولم يعيَ بخلقهن } يقال : عييتُ بهذا ، أي لم أُحسِنه ، ولم أقدر عليه .


[19375]:في الأصل وم: حيث.