السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَلَمۡ يَعۡيَ بِخَلۡقِهِنَّ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يُحۡـِۧيَ ٱلۡمَوۡتَىٰۚ بَلَىٰٓۚ إِنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (33)

{ أوَلم يروا } أي : يعلموا علماً هو في الوضوح كالرؤية { أن الله } ودل على ما دلّ عليه هذا الاسم الأعظم بقوله تعالى : { الذي خلق السماوات } على ما احتوت عليه بما يعجز الوصف من العبر { والأرض } على ما اشتملت عليه من الآيات المدركة بالعيان والخبر { ولم يعي } أي : ولم يتعب ولم يعجز { بخلقهنّ } أي : بسبب من الأسباب . فإنه لو حصل له شيء من ذلك أدّى إلى نقصان فيهما ، أو في إحداهما . وأكد الإنكار المتضمن للنفي بزيادة الجارّ في خبر أنّ فقال : { بقادر } أي : قدرة عظيمة { على أن يحيي } أي : على سبيل التجديد مستمرّاً { الموتى } والأمر فيهم لكونه إعادة وكونه جزءاً يسيراً مما ذكر ، اختراعه أصغر شأناً وأسهل صنعاً وأجاب بقوله تعالى { بلى } لأنّ هذا الاستفهام الإنكاري في معنى النفي . أي : قد علموا أنه قادر على ذلك علماً هو في إيقانه كالبصر لأنهم يعلمون أنه المخترع لذلك ، وأن الإعادة أهون من الابتداء في مجاري عاداتهم ، ولكنهم عن ذلك غافلون لأنهم عنه معرضون . وقوله تعالى : { إنه على كل شيء قدير } تقرير للقدرة على وجه عام يكون كالبرهان على المقصود . كأنه لما صدر السورة بتحقيق المبدأ أراد ختمها بإثبات المعاد .