الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَلَمۡ يَعۡيَ بِخَلۡقِهِنَّ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يُحۡـِۧيَ ٱلۡمَوۡتَىٰۚ بَلَىٰٓۚ إِنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (33)

قوله : { وَلَمْ يَعْيَ } : العامَّةُ على سكونِ العينِ وفتحِ الياءِ مضارعَ عَيِيَ بالكسر يَعْيا بالفتحِ ، فلمَّا دَخَلَ الجازمُ حَذَفَ الألفَ . وقرأ الحسن " يَعِيْ " بكسر العين وسكون الياءِ . قالوا : وأصلُها عَيِيَ بالكسرِ ، فجعلَ الكسرةَ فتحةً على لغةِ طَيِّئ فصارَ " عَيا " كما قالوا في بَقِيَ : بَقَا . ولَمَّا بُني الماضي على فَعَلَ بالفتح جاء بمضارعِه على يَفْعِل بالكسرِ ، فصار يَعْيِي مثل : يَرْمي . فلمَّا دَخَلَ الجازمُ حَذَفَ الياءَ الثانيةَ فصار " لم يَعْيِ " بعين ساكنة وياء مكسورة ثم نَقَلَ حركةَ الياءِ إلى العينِ فصار اللفظُ كما ترى . وقد تَقَدَّم أن عَيِيَ وحَيِي فيهما لغتان : الفكُّ والإِدغامُ ، فأمَّا " حِيِي " فتقدَّمَ في الأنفال . وعَيَّ فكقولِه :

4049 عَيُّوا بأَمْرِهِمُ كما *** عَيَّتْ ببَيْضَتِها الحمَامَهْ

والعِيُّ : عَدَمُ الاهتداءِ إلى جهةٍ . ومنه العِيُّ في الكلامِ ، وعيِيَ بالأمرِ : إذا لم يَهْتَدِ لوَجْهه .

قوله : " بقادرٍ " الباءُ زائدةٌ . وحَسَّنَ زيادتَها كونُ الكلامِ في قوةِ " أليسَ اللَّهُ بقادرٍ " وقاس الزجَّاجُ " ما ظَنَنْتُ أنَّ أحداً بقائمٍ " عليها ، والصحيحُ التوقُّفُ . وقرأ عيسى وزيد بن علي والجحدريُّ " يَقْدِرُ " مضارعَ قَدَرَ ، والرسمُ يَحْتملُه . وقوله : " بلى " إيجابٌ لِما تضمَّنَه الكلامُ مِن النفي في قولِه : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ } .