فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَلَمۡ يَعۡيَ بِخَلۡقِهِنَّ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يُحۡـِۧيَ ٱلۡمَوۡتَىٰۚ بَلَىٰٓۚ إِنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (33)

ثم ذكر سبحانه دليلا على البعث فقال :{ أو لم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ؟ } الرؤية هنا هي القلبية التي بمعنى العلم والهمزة للإنكار والواو للعطف على مقدار ، أي ألم يتفكرون ولم يعلموا أن الذي خلق هذه الأجرام العظام من السماوات والأرض ابتداء { ولم يعي } مجزوم بحذف الألف ، قرأ الجمهور بسكون العين وفتح الياء مضارع عي ، وقرئ بكسر العين وسكون الباء .

{ يخلقهن } أي : لم يتعب ولم ينصب ولم يعجز عن ذلك ولا ضعف عنه ، يقال عي بالأمر وعيي إذا لم يهتد لوجهه ، قال الشهاب : عدم العي مجاز عن عدم الانقطاع والنقص ، يعني : أن قدرته واجبة لا تنقص ولا تنقطع بالإيجاد أبد الآباد .

{ بقادر على أن يحيي الموتى } قال أبو عبيدة والأخفش : الباء زائدة للتوكيد كما في قوله { وكفى الله شهيدا } قال الكسائي والفراء والزجاج : العرب تدخل الباء مع الجحد والاستفهام فتقول : ما أظنك بقائم ، والجار والمجرور في محل رفع على أنهما خبر لأن ، وقرأ جماعة يقدر على صيغة المضارع ، واختار أبو عبيدة الأولى وأبو حاتم الثانية .

{ بلى إنه على كل شيء قدير } لا يعجزه شيء تعليل لما أفادته بلى من تعاليل الخاص بالعام ، ولما أثبت البعث ذكر بعض ما يحصل في يومه من الأهوال فقال { ويوم يعرض الذين كفروا على النار } أي يقال ذلك اليوم للذين كفروا .