فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَلَمۡ يَعۡيَ بِخَلۡقِهِنَّ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يُحۡـِۧيَ ٱلۡمَوۡتَىٰۚ بَلَىٰٓۚ إِنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (33)

ثم ذكر سبحانه دليلاً على البعث ، فقال : { أَوَ لَمْ يَرَوْاْ أَنَّ الله الذي خَلَقَ السموات والأرض } الرؤية هنا هي القلبية التي بمعنى العلم ، والهمزة للإنكار ، والواو للعطف على مقدّر : أي ألم يتفكروا ، ولم يعلموا أن الذي خلق هذه الأجرام العظام من السموات والأرض ابتداءً { وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ } أي لم يعجز عن ذلك ولا ضعف عنه ، يقال عيّ بالأمر وعيي : إذا لم يهتد لوجهه ، ومنه قول الشاعر :

عيوا بأمرهم كما *** عيت ببيضها الحمامه

قرأ الجمهور { ولم يعي } بسكون العين ، وفتح الياء مضارع عيي . وقرأ الحسن بكسر العين وسكون الياء . { بِقَادِرٍ على أَن يُحْيي الموتى } . قال أبو عبيدة ، والأخفش : الباء زائدة للتوكيد ، كما في قوله : { وكفى بالله شَهِيداً } [ النساء : 166 ] . قال الكسائي والفراء والزجاج : العرب تدخل الباء مع الجحد والاستفهام ، فتقول : ما أظنك بقائم ، والجار والمجرور في محل رفع على أنهما خبر لأن ، وقرأ ابن مسعود ، وعيسى بن عمر ، والأعرج ، والجحدري وابن أبي إسحاق ويعقوب وزيد بن عليّ : ( يَقْدِرُ ) على صيغة المضارع ، واختار أبو عبيد القراءة الأولى ، واختار أبو حاتم القراءة الثانية قال : لأن دخول الباء في خبر أنّ قبيح { بلى إِنَّهُ على كُلّ شَيْء قَدِيرٌ } لا يعجزه شيء .

/خ35