الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَلَمۡ يَعۡيَ بِخَلۡقِهِنَّ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يُحۡـِۧيَ ٱلۡمَوۡتَىٰۚ بَلَىٰٓۚ إِنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (33)

ثم قال : { أو لم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعى بخلقهن بقادر [ على أن يحيي الموتى ]{[63252]} } [ 32 ] .

أي : أو لم يعلم قومك يا محمد أن الله{[63253]} الذي خلق السماوات والأرض وابتدعهما على غير مثال ، قادر على أن يحيي الموتى فيردهم أحياء كما كانوا ، فخلق السماوات والأرض وإيجادهما على غير مثال أعظم في القدرة من إعادة شيء قد كان له مثال على لطافة خلقه .

{ بلى إنه على كل شيء قدير } أي : بلى يقدر على ذلك ، إنه على كل شيء يريد قادر ، لا يمتنع عليه شيء أراده .

وقرأ الأعرج{[63254]} وابن أبي إسحاق{[63255]} والجحدري : يقدر على أن يحيي الموتى{[63256]} .

وقرأ ابن مسعود " قادر " بغير باء{[63257]} .

واختار بعض النحويين " يقدر " على " بقادر " ؛ لأن الباء إنما تدخل في النفي ، وهذا إيجاب{[63258]} .

وروى ذلك عن أبي عمر{[63259]} والكسائي ، والباء{[63260]} إنما دخلت عند النحويين لدخول لم " في أول الكلام . وقال علي بن سليمان{[63261]} : تدخل " الباء " في النفي ، فإذا دخل على النفي استفهام لم يغيره عن حاله ، فتقول{[63262]} : " أما زيد بقائم " كما تقول : " ما زيد بقائم " {[63263]} .


[63252]:ساقط من ح.
[63253]:ساقط من ح.
[63254]:عبد الرحمن بن هرمز، أبو داود، من موالي بني هاشم، عرف بالأعرج، حافظ قارئ من أهل المدينة، أدرك أبا هريرة وأخذ عنه، وهو أول من برز في القرآن والسنن وكان خبيرا بأنساب العرب وافر العلم، ثقة، أخذ القراءة عرضا عن أبي هريرة وابن عباس وعبد الله بن عياش، روى القراءة عنه عرضا نافع بن أبي نعيم ومعظم روايته عن أبي هريرة حدث فيه الزهري وصالح بن كسيان ويحيى بن سعيد، وكان ثقة ثبت عالما مقرئا. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 1/305، وتذكرة الحفاظ 1/97 وطبقات القراء 1/381.
[63255]:هو عبد الله بن أبي إسحاق الزيادي الحضرمي النحوي المقرئ البصري، أخد القراءة من يحيى ابن يعمر، وأخذ عنه أبو عمرو بن العلاء والأخفش (توفي 117 هـ). انظر: ترجمته في تقريب التهذيب 1/402، ونزهة الألباب 18، وطبقات القراء 1/410، وخزانة الأدب 1/237.
[63256]:انظر: إعراب النحاس 4/174، وجامع البيان 26/23، وتفسير القرطبي 16/219.
[63257]:لم أجد لهذه القراءة سندا فيما توفر لدي من كتب القراءات.
[63258]:انظر: إعراب النحاس 4/174، والتبيان في إعراب القرآن 2/1159.
[63259]:زبان بن عمار التميمي المازني البصري، أبو عمرو، ويلقب أبوه بالعلاء: من أئمة اللغة والأدب، وأحد القراء السبعة، ولد بمكة ونشأ بالبصرة ومات بالكوفة، أخذ النحو عن نصر ابن عاصم الليثي، وأخذ عنه يونس بن حبيب البصري والخليل بن أحمد وتوفي سنة أربع وخمسين ومائة في خلافة المنصور. انظر: نزهة الألباء 24، وفوات الوفيات 2/28، وغاية النهاية 1/288.
[63260]:ع: "والباء عند النحويين".
[63261]:علي بن سليمان بن الفضل، أو المحاسن، المعروف بالأخفش الأصغر نحوي، من العلماء من أهل بغداد، أقام بمصر سنة 287 – 300هـ. له تصانيف منها "شرح سيبويه" "والمهذب"، قرأ على ثعلبه والمبرد واليزيدي وأبي العيثاء. توفي سنة 315 هـ. انظر: إنباه الرواة 2/276، ووفيات الأعيان 3/301، وبغية الوعاة 2/167.
[63262]:ح: "فيقول".
[63263]:انظر: مشكل إعراب القرآن 670، وإعراب النحاس 4/174، ومغني اللبيب 884.