الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَلَمۡ يَعۡيَ بِخَلۡقِهِنَّ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يُحۡـِۧيَ ٱلۡمَوۡتَىٰۚ بَلَىٰٓۚ إِنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (33)

{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ } لم يضعف عن إبداعهن ، ولم يعجز عن اختراعهن . { بِقَادِرٍ } قراءة العامة ( بالباء ) و( الألف ) على الاسم واختلفوا في وجه دخول ( الباء ) فيه ، فقال أبو عبيدة والأخفش : هي صلة ، كقوله :

{ تَنبُتُ بِالدُّهْنِ } [ المؤمنون : 20 ] وقال الحارث بن حلزة :

قيل ما اليوم بيّضت بعيون *** النّاس فيها تغيّظ وإباء

أراد بيضت عيون النّاس . وقال الكسائي والفراء : ( الباء ) فيه جلبت الاستفهام والجحد في أوّل الكلام ، كقوله :

{ أَوَلَيْسَ الَذِي خَلَقَ السَّمَاواتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ } [ يس : 81 ] . والعرب تدخلها في الجحود ، إذا كانت رافعة لما قبلها ، كقول الشاعر :

فما رجعتْ بخائبة ركاب *** حكيم بن المسيّب منتهاها

وقرأ الأعرج وعاصم الجحدري وابن أبي إسحاق ويعقوب بن إسحاق { يقدر } ( بالياء ) من غير ( ألف ) على الفعل ، واختار أبو عبيد قراءة العامّة لأنّها في قراءة عبد الله { خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ } بغير ( باء ) .

{ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }