{ لا يمسه إلا المطهرون } الضمير يعود على الكتاب المكنون ، ويحتمل أن يعود على القرآن المذكور قبله إلا أن هذا ضعيف لوجهين :
أحدهما : أن مس الكتاب حقيقة ومس القرآن مجاز ، والحقيقة أولى من المجاز .
والآخر : أن الكتاب أقرب والضمير يعود على أقرب مذكور فإذا قلنا إنه يعود على الكتاب المكنون فإن قلنا إن الكتاب المكنون هو الصحف التي بأيدي الملائكة ، ف{ المطهرون } يراد بهم : الملائكة لأنهم مطهرون من الذنوب والعيوب والآية : إخبار بأنه لا يمسه إلا هم دون غيرهم ؛ وإن قلنا إن الكتاب المكنون هو الصحف التي بأيدي الناس ، فيحتمل أن يريد بالمطهرين المسلمين ، لأنهم مطهرون من الكفر أو يريد المطهرين من الحدث الأكبر وهي الجنابة أو الحيض ، فالطهارة على هذا الاغتسال أو المطهرين من الحدث الأصغر ، فالطهارة على هذا الوضوء ويحتمل أن يكون قوله : { لا يمسه } خبرا أو نهيا على أنه قد أنكر بعض الناس أن يكون نهيا وقال : لو كان نهيا لكان بفتح السين وقال المحققون : إن النهي يصح مع ضم السين لأن الفعل المضاعف إذا كان مجزوما أو اتصل به ضمير المفرد المذكر ضم عند التقاء الساكنين اتباعا لحركة الضمير وإذا جعلناه خبرا فيحتمل أن يقصد به مجرد الإخبار أو يكون خبرا بمعنى النهي وإذا كان لمجرد الإخبار فالمعنى : أنه لا ينبغي أن يمسه إلا المطهرون أي : هذا حقه وإن وقع خلاف ذلك واختلف الفقهاء فيمن يجوز له مس المصحف على حسب الاحتمالات في الآية ، فأجمعوا على أنه لا يجوز أن يمسه كافر لأنه إن أراد بالمطهرين المسلمين ، فذلك ظاهر وإن أراد الطهارة من الحدث فالإسلام حاصل مع ذلك وأما الحدث ففيه ثلاثة أقوال :
الأول : أنه لا يجوز أن يمسه الجنب ولا الحائض ولا المحدث حدثا أصغر وهو قول مالك وأصحابه ومنعوا أيضا أن يحمله بعلاقة أو وسادة وحجتهم الآية على أن يراد بالمطهرين الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر وقد احتج مالك في الموطأ بالآية على المسألة ومن حجتهم أيضا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمرو بن حزم " أن لا يمس القرآن إلا طاهر " . الثاني : أنه يجوز مسه للجنب والحائض والمحدث حدثا أصغر وهو مذهب أحمد بن حنبل والظاهرية وحملوا المطهرون على أنهم المسلمون والملائكة أو جعلوا لا يمسه لمجرد الإخبار . والقول الثالث : أنه يجوز مسه بالحدث الأصغر دون الأكبر ورخص مالك في مسه على غير وضوء للمعلم والصبيان لأجل المشقة . واختلفوا في قراءة الجنب للقرآن فمنعه الشافعي وأبو حنيفة مطلقا وأجازه الظاهرية مطلقا ، وأجاز مالك قراءة الآية اليسيرة . واختلف في قراءة الحائض والنفساء للقرآن عن ظهر قلب فعن مالك في ذلك روايتان ، وفرق بعضهم بين اليسير والكثير .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.