جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{لَّا يَمَسُّهُۥٓ إِلَّا ٱلۡمُطَهَّرُونَ} (79)

{ لا يمسه } أي : الكتاب المكنون الذي في السماء ، { إلا المطهرون{[4892]} } أي : الملائكة{[4893]} ، وعن بعض زعمت قريش أن القرآن تنزلت به الشياطين فردهم الله تعالى بقوله :{ لا يمسه إلا المطهرون } كما قال : { وما تنزلت به الشياطين } [ الشعراء :210 ] أو لا يمس القرآن إلا المطهرون من الجنابة والحدث ، والمراد من القرآن حينئذ المصحف كما نقل " نهى- عليه الصلاة والسلام- أن يسافر بالقرآن أي : المصحف إلى الأرض العدو " ، ويكون نفيا بمعنى النهي أو لا يجد طعمه ونفعه إلا المطهرون من الشرك ،


[4892]:ذهب الجمهور إلى منع المحدث من مس المصحف، وبه قال علي وابن مسعود وسعد بن أبي القاص وسعيد بن زيد رضي الله عنهم، وعطاء والزهري والنخعي والحكم وحماد وجماعة من الفقهاء منهم مالك والشافعي وروى عن ابن عباس- رضي الله عنهما- والشعبي وجماعة منهم أبو حنيفة أنه يجوز لمحدث مسه، وقد أوضح الشوكاني ما هو الحق في هذا في شرحه للمنتقي، فليرجع إليه قال ابن عباس- رضي الله عنهما: في الآية الكتاب المنزل من السماء لا يمسه إلا الملائكة، وعن أنس- رضي الله عنه- قال: المطهرون الملائكة، وعن علقمة قال: أتينا سلمان الفارسي، فخرج علينا من كنيف، فقلنا: لم توضأت يا أبا عبد الله، ثم قرأت علينا سورة كذا وكذا قال: إنما قال الله:{في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون}، وهو الذي في السماء لا يمسه إلا الملائكة، ثم قرأ علينا ما من القرآن شئنا أخرجه عبد الرزاق، وابن المنذر وعن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبيه قال: في كتاب النبي- صلى الله عليه وسلم- لعمر بن حزم: " لا يمس القرآن إلا على طهر" أخرجه مالك في الموطأ عن عبد الله بن أبي بكر وأخرجه أبو داود في المراسيل من حديث الزهري قال: قرأت في صحيفة عبد الله المذكور أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال:" ولا يمس القرآن إلا طاهر"، وقد أسنده الدار قطني عن عمرو بن حزم وغيره، وفي أسانيدها نظر، وعن ابن عمر أنه كان لا يمس المصحف إلا متوضئا، وعن معاذ بن جبل أن النبي- صلى الله عليه وسلم- لما بعثه إلى اليمن كتب له في عهده "أن لا يمس القرآن إلا طاهرا" أخرجه ابن مردويه/12 فتح.
[4893]:كذا فسره ابن عباس، والأكثرون من السلف/12 وجيز.