تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ ءَامِنُواْ كَمَآ ءَامَنَ ٱلنَّاسُ قَالُوٓاْ أَنُؤۡمِنُ كَمَآ ءَامَنَ ٱلسُّفَهَآءُۗ أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلسُّفَهَآءُ وَلَٰكِن لَّا يَعۡلَمُونَ} (13)

يقول الله{[1276]} تعالى : وإذا قيل للمنافقين : { آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ } أي : كإيمان الناس بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت والجنَّة والنَّار وغير ذلك ، مما أخبر المؤمنين به وعنه ، وأطيعوا الله ورسوله في امتثال الأوامر وترك الزواجر { قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ } يعنون - لعنهم الله - أصحابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رضي الله عنهم ، قاله أبو العالية والسدي في تفسيره ، بسنده عن ابن عباس وابن مسعود وغير واحد من الصحابة ، وبه يقول الربيع بن أنس ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهم ، يقولون : أنصير نحن وهؤلاء بمنزلة واحدة وعلى طريقة واحدة وهم سفهاء ! !

والسفهاء : جمع سفيه ، كما أن الحكماء جمع حكيم [ والحلماء جمع حليم ]{[1277]} والسفيه : هو الجاهل الضعيف الرّأي القليل المعرفة بمواضع المصالح والمضار ؛ ولهذا سمى الله النساء والصبيان سفهاء ، في قوله تعالى : { وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا } [ النساء : 5 ] قال عامة علماء السلف : هم النساء والصبيان .

وقد تولى الله ، سبحانه ، جوابهم في هذه المواطن كلها ، فقال{[1278]} { أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ } فأكد وحصر السفاهة فيهم .

{ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ } يعني : ومن تمام جهلهم أنهم لا يعلمون بحالهم في الضلالة والجهل ، وذلك أردى لهم وأبلغ في العمى ، والبعد عن الهدى .


[1276]:زيادة من (أ).
[1277]:زيادة من طـ، ب، و.
[1278]:في أ: "كما قال".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ ءَامِنُواْ كَمَآ ءَامَنَ ٱلنَّاسُ قَالُوٓاْ أَنُؤۡمِنُ كَمَآ ءَامَنَ ٱلسُّفَهَآءُۗ أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلسُّفَهَآءُ وَلَٰكِن لَّا يَعۡلَمُونَ} (13)

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ ( 13 )

المعنى صدقوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وشرعه ، مثل ما صدقه المهاجرون والمحققون من أهل يثرب ، قالوا : أنكون كالذين خفت عقولهم ؟ والسفه الخفة والرقة الداعية إلى الخفة يقال «ثوب سفيه » إذا كان رقيقاً مهلهل النسج ، ومنه قول ذي الرمة : [ الطويل ]

مشين كما اهتزت رماح تسفهت . . . أعاليَها مرّ الرياح النواسم( {[237]} )

وهذا القول إنما كانوا يقولونه في خفاء فأطلع الله عليه نبيه والمؤمنين ، وقرر أن السفه ورقة الحلوم وفساد البصائر إنما هو في حيزهم وصفة لهم ، وأخبر أنهم لا يعلمون أنهم السفهاء للرَّين الذي على قلوبهم .

وقال قوم : «الآية نزلت في منافقي اليهود ، والمراد بالناس عبد الله بن سلام ومن أسلم من بني إسرائيل » .

قال القاضي أبو محمد : وهذا تخصيص لا دليل عليه .


[237]:- يصف نساء، ويقال: "تسفهت الريح الأشجار" أمالتها، والرياح النواسم هي الرياح الضعيفة، فشبه مشيهن باهتزاز الرماح التي تميلها نواسم الرياح.