تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ ءَامِنُواْ كَمَآ ءَامَنَ ٱلنَّاسُ قَالُوٓاْ أَنُؤۡمِنُ كَمَآ ءَامَنَ ٱلسُّفَهَآءُۗ أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلسُّفَهَآءُ وَلَٰكِن لَّا يَعۡلَمُونَ} (13)

الآية 13 : وقوله تعالى : ( وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس ) ؛ تحتمل الآية أن تكون في المنافقين ، وتحتمل في أهل الكتاب . فإن كانت في المنافقين فكأن قوله : ( آمنوا ) يا أهل النفاق في السر والعلانية كما آمن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في السر والعلانية جميعا ، وهو كقوله : ( فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا ) [ البقرة : 137 ] . وإن كان في أهل الكتاب ففيه الأمر بالإيمان الذي هو إيمان ، وهو التصديق . والإيمان عندنا هو التصديق بالقلب ؛ دليله قول جميع أهل التأويل والأدب أنهم فسروا ( آمنوا ) صدقوا في جميع القرآن .

وقوله تعالى : ( قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ) الآية{[194]} ؛ السفه ، هو ضد الحكمة ، وهو العمل بالجهل على العلم أنه يبطل ، والجهل هو ضد العلم ، والسفه هو الشتم . يقول الرجل الآخر : يا سفيه .

وقوله تعالى : ( ألا إنهم هم السفهاء ) يقول بعض المتكلمين : إن هذا شتم من الله لهم جوابا عن المؤمنين ، ويستجيزون ذلك على الجواب ، وإن لم يجز على الابتداء والمكر والكيد والاستهزاء والخداع ونحوه . فعلى ذلك هذا .

وأما عندنا فهو جائز لأن من شتم آخر يذم عليه ، وهو عمل السفهاء ، فأخبر عز وجل أنهم هم الذين يعملون بالجهل على علمهم أن دينهم الذي يدينون به باطل{[195]} وأن الدين الذي يدين به المؤمنون حق .

وقوله تعالى : ( ولكن لا يعلمون ) قيل فيه وجهين :

أحدهما : لا يعلمون أنهم السفهاء .

والثاني : لا يعلمون ما يحل بهم من العذاب لذلك ، والله أعلم .


[194]:- ساقطة من ط ع.
[195]:- من ط م و ط ع، في الأصل: بالباطل.