فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ ءَامِنُواْ كَمَآ ءَامَنَ ٱلنَّاسُ قَالُوٓاْ أَنُؤۡمِنُ كَمَآ ءَامَنَ ٱلسُّفَهَآءُۗ أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلسُّفَهَآءُ وَلَٰكِن لَّا يَعۡلَمُونَ} (13)

{ وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون ، وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤون } .

{ وإذا قيل لهم } أي للمنافقين . . نصحوهم من وجهين { أحدهما } النهي عن الفساد وهو عبارة عن التخلي عن الرذائل { وثانيهما } الأمر بالإيمان وهو عبارة عن التحلي بالفضائل ، فإن كمال الإيمان بمجموع الأمرين { كما آمن الناس } يعني أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار ، وقيل الناس عبد الله ابن سلام وأصحابه و { ما } مصدرية أو كافة واللام للعهد أو للجنس ، وأستدل به على قبول توبة الزنديق وأن الإقرار باللسان إيمان { قالوا } أي أجابوا بأحمق جواب وأبعده عن الحق والصواب { أنؤمن كما آمن السفهاء } أي الجهال الهمزة للإنكار واللام مشار بها إلى الناس أو الجنس بأسره وهم مندرجون فيه ، نسبوا إلى المؤمنين السفه استهزاء واستخفافا فتسببوا بذلك إلى تسجيل الله عليهم بالسفه بأبلغ عبارة وآكد قول وحصر كما قال تعالى :

{ ألا إنهم هم السفهاء } أي الجهال ، وأصل السفه والسفاهة رقة الحلوم وفساد البصائر وسخافة العقول ، وخفة النهي ، وإنما سمى الله المنافقين سفهاء لأنهم كانوا عند أنفسهم عقلاء فقلب ذلك عليهم وسماهم سفهاء ، ورد أبلغ رد في تجهيلهم .

{ ولكن لا يعلمون } أنهم كذلك إما حقيقة أو مجازا تنزيلا لإصرارهم على السفه منزلة عدم العلم ، وإنما ذكر العلم هنا ، والشعور فيما قبل ، لأنه أكثر طباقا بذكر السفه ، والتمييز بين الحق والباطل يفتقر إلى نظرة وفكرة ، والنفاق يدرك بأدنى تفطن وتأمل من قولهم وفعلهم .

عن ابن عباس أنها نزلت في شأن اليهود .