محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ ءَامِنُواْ كَمَآ ءَامَنَ ٱلنَّاسُ قَالُوٓاْ أَنُؤۡمِنُ كَمَآ ءَامَنَ ٱلسُّفَهَآءُۗ أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلسُّفَهَآءُ وَلَٰكِن لَّا يَعۡلَمُونَ} (13)

{ وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون 13 } .

{ وإذا قيل لهم } بطريق الأمر بالمعروف ، إثر نهيهم عن المنكر إتماما للنصح ، وإكمالا للإرشاد { آمنوا كما آمن الناس } أي : الكاملون في الإنسانية ، فإن المؤمنين هم الناس في الحقيقة لجمعهم ما يُعدّ من خواص الإنسان وفضائله { قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء } استفهام في معنى الإنكار . و( السفه ) خفة وسخافة رأي يورثهما : قصور العقل ، وقلة المعرفة بمواضع المصالح والمضار ولهذا سمى الله النساء والصبيان سفهاء في قوله تعالى : { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما } {[489]} .

وإنما سفّهوهم مع أنهم العقلاء المراجيح لأنهم : لجهلهم ، وإخلالهم بالنظر وإنصاف أنفسهم ، اعتقدوا أن ما هم فيه هو الحق ، وأن ما عداه باطل ومن ركب متن الباطل كان سفيها ولأنهم كانوا في رياسة في قومهم ، ويسار ؛ وكان أكثر المؤمنين فقراء ، ومنهم مَوَالٍ كصُهَيْب ، وبلال ، وخبّاب فدعوهم سفهاء تحقيرا لشأنهم ! { ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون } .


[489]:[4/ النساء/ 5].