التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ ءَامِنُواْ كَمَآ ءَامَنَ ٱلنَّاسُ قَالُوٓاْ أَنُؤۡمِنُ كَمَآ ءَامَنَ ٱلسُّفَهَآءُۗ أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلسُّفَهَآءُ وَلَٰكِن لَّا يَعۡلَمُونَ} (13)

قوله : ( وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس ( ما ، مصدر ، في محل جر بالكاف ، أمن الناس ، صلتها{[22]} وذلك وصف آخر لحال المنافقين ، إذ يدعوهم المؤمنون من أجل أن تؤمن قلوبهم ، فإن إظهار الإيمان نطقا باللسان وحده أمر لا يغني ، وإنما التعويل كله في هذه المسألة الأساسية إنما يقع على القلب حيث الإيمان واستقرار العقيدة .

ولقد كان المؤمنون يهتفون بالمنافقين المفسدين ليؤمنوا إيمانا وافيا حقيقيا مثلما أمن الناس الآخرون من أنصار ومهاجرين . وذلك تذكير ودود تتأثر به النفس السليمة الكريمة لكن مثل هؤلاء الجبناء الذين يفارقون فسقهم في خسة لا تطوع لهم أنفسهم أن يقبلوا على الله في خشوع ، أو أن يستقبلوا الموعظة والذكرى في تواضع ، بل إنهم مستكبرون في حماقة وجهل ، لذلك كان جوابهم عاتيا آثما ينم على استكبار متهكم .

سخيف إذ قالوا : ( أنومن كما آمن السفهاء ( والسفهاء مفردها سفيه وهو من السفه ، ومعناه الخفة والطيش وبساطة الحلوم ، كذلك كان يغلظ المنافقون عندما دعوا إلى الإيمان فلجوا واستكبروا في حماقة واستخفاف وهم يتصورون أنهم إذا آمنوا فلسوف يكونون مع أولئك المؤمنين الذين آمنوا سفها بغير علم ، كذلك قال المنافقون وهم فريق من الكذبة الفساق الذين يهذون بما لا يعلمون إلا تخريصا وزيفا وافتراء . وحقيقة الحال تبين في غير ما شك أن هؤلاء الفساق هم السفهاء وأنهم ذوو الطبائع الفاسدة المريضة أو الأحلام التي سيمت التبلد والشلل ، وفي ذلك يقول سبحانه شاهدا على هؤلاء بالسفه وفساد الأحلام : ( ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون ( .


[22]:الدر المصون جـ 1 ص 142.