ثم ذكر تعالى سبب وصوله إلى ما كان تعالى قَدَّر له من النبوة والتكليم : قضية قتله ذلك القبطي ، الذي كان سبب خروجه من الديار المصرية إلى بلاد مدين ، فقال تعالى : { وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا } قال ابن جُرَيج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس : وذلك بين المغرب والعشاء .
وقال ابن المنْكَدر ، عن عطاء بن يسار ، عن ابن عباس : كان ذلك نصف النهار . وكذلك قال سعيد بن جبير ، وعِكْرمة ، والسُّدِّي ، وقتادة .
{ فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ } أي : يتضاربان ويتنازعان ، { هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ } أي : من بني إسرائيل{[22234]} ، { وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ } أي : قبطي ، قاله ابن عباس ، وقتادة ، والسدي ، ومحمد بن إسحاق . فاستغاث الإسرائيلي بموسى ، عليه السلام ، ووجد موسى فرصة ، وهي غفلة الناس ، فعمد إلى القبطي { فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ } .
قال مجاهد : وكزه ، أي : طعنه بجُمْع{[22235]} كفه . وقال قتادة : وكزه بعصا كانت معه .
{ فَقَضَى عَلَيْهِ } أي : كان فيها حتفه فمات ، قال موسى : { هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ .
واختلف المتأولون في قوله تعالى { ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها } فقال السدي : كان موسى في وقت هذه القصة على رسم التعلق بفرعون وكان يركب مراكبه حتى أنه كان يدعى موسى بن فرعون ، فقالوا فركب فرعون يوماً وسار إلى مدينة من مدائن مصر يقال لها منف ثم علم موسى بركوب فرعون فركب بعده ولحق بتلك المدينة في وقت القائلة وهو حين الغفلة ، قاله ابن عبس وقال أيضاً هو ما بين العشاء والعتمة ، وقال ابن إسحاق بل { المدينة } مصر نفسها ، وكان موسى في هذا الوقت قد بدت منه مجاهرة لفرعون وقومه بما يكرهون فكان مختفياً بنفسه متخوفاً منهم فدخل متنكراً حذراً مغتفلاً للناس ، وقال ابن زيد : بل كان فرعون قد نابذه وأخرجه من المدينة وغاب عنها سنين فنسي أمره وجاء هو والناس على غفلة بنسيانهم لأمره وبعد عهدهم به ، وقيل كان يوم عيد ، وقوله تعالى : { يقتتلان } في موضع الحال أي مقتتلين ، و { شيعته } بنو إسرائيل ، و { عدوه } القبط ، وذكر الأخفش سعيد بن مسعدة{[9122]} أنها «فاستعانه » بالعين غير معجمة{[9123]} وبالنون وهي تصحيف لا قراءة{[9124]} ، وذكر الثعلبي أن الذي { من شيعته } هو السامري وأن الآخر طباخ فرعون ، وقوله { هذا } { وهذا } حكاية حال قد كانت حاضرة ولذلك عبر ب { هذا } عن غائب ماض ، «والوكز » الضرب باليد مجموعاً كعقد ثلاثة وسبعين ، وقرأ ابن مسعود «فلكزه » والمعنى واحد ، إلا أن اللكز في اللحا ، والوكز على القلب ، وحكى الثعلبي أن في مصحف ابن مسعود «فنكزه » بالنون المعنى واحد ، «وقضى عليه » ، معناه قتله مجهزاً ، وكان موسى عليه السلام لم يرد قتل القبطي لكن وافقت وكزته الأجل وكان عنها موته فندم ورأى أن ذلك من نزغ الشيطان في يده ، وأن الغضب الذي اقترنت به تلك الوكزة كان من الشيطان ومن همزه ، ونص هو عليه السلام على ذلك وبهذا الوجه جعله من عمله{[9125]} وكان فضل قوة موسى ربما أفرط في وقت غضبه بأكثر مما يقصد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.