مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَدَخَلَ ٱلۡمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفۡلَةٖ مِّنۡ أَهۡلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيۡنِ يَقۡتَتِلَانِ هَٰذَا مِن شِيعَتِهِۦ وَهَٰذَا مِنۡ عَدُوِّهِۦۖ فَٱسۡتَغَٰثَهُ ٱلَّذِي مِن شِيعَتِهِۦ عَلَى ٱلَّذِي مِنۡ عَدُوِّهِۦ فَوَكَزَهُۥ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيۡهِۖ قَالَ هَٰذَا مِنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِۖ إِنَّهُۥ عَدُوّٞ مُّضِلّٞ مُّبِينٞ} (15)

{ وَدَخَلَ المدينة } أي مصر { على حِينِ غَفْلَةٍ مّنْ أَهْلِهَا } حال من الفاعل أي مختفياً وهو ما بين العشاءين أو وقت القائلة يعني انتصاف النهار . وقيل : لما شب وعقل أخذ يتكلم بالحق وينكر عليهم فأخافوه فلا يدخل المدينة إلا على تغفل { فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هذا مِن شِيعَتِهِ } ممن شايعه على دينه من بني إسرائيل . قيل : هو السامري ، وشيعة الرجل : أتباعه وأنصاره { وهذا مِنْ عَدُوّهِ } من مخالفيه من القبط وهو قانون ، وقيل : فيهما هذا وهذا وإن كانا غائبين على جهة الحكاية أي إذا نظر إليهما الناظر قال : هذا من شيعته وهذا من عدوه { فاستغاثه } فاستنصره { الذى مِن شِيعَتِهِ عَلَى الذى مِنْ عَدُوّهِ فَوَكَزَهُ موسى } ضربه بجمع كفه أو بأطراف أصابعه { فقضى عَلَيْهِ } فقتله { قَالَ هذا } إشارة إلى القتل الحاصل بغير قصد { مِنْ عَمَلِ الشيطان } وإنما جعل قتل الكافر من عمل الشيطان وسماه ظلماً لنفسه واستغفر منه لأنه كان مستأمناً فيهم ولا يحل قتل الكافر الحربي المستأمن ، أو لأنه قتله قبل أن يؤذن له في القتل ، وعن ابن جريج : ليس لنبي أن يقتل ما لم يؤمر { إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ } ظاهر العداوة