النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَدَخَلَ ٱلۡمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفۡلَةٖ مِّنۡ أَهۡلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيۡنِ يَقۡتَتِلَانِ هَٰذَا مِن شِيعَتِهِۦ وَهَٰذَا مِنۡ عَدُوِّهِۦۖ فَٱسۡتَغَٰثَهُ ٱلَّذِي مِن شِيعَتِهِۦ عَلَى ٱلَّذِي مِنۡ عَدُوِّهِۦ فَوَكَزَهُۥ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيۡهِۖ قَالَ هَٰذَا مِنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِۖ إِنَّهُۥ عَدُوّٞ مُّضِلّٞ مُّبِينٞ} (15)

قوله : { وَدَخَل الْمَدِينَةَ } فيها ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنها مصر ، قاله ابن شجرة .

الثاني : منف ، قاله السدي .

الثالث : عين الشمس ، قاله الضحاك .

{ عَلَى حِينٍ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا } فيه أربعة أقاويل :

أحدها : نصف النهار والناس قائلون ، قاله ابن جبير .

الثاني : ما بين المغرب والعشاء ، قاله ابن عباس .

الثالث : يوم عيد لهم وهم في لهوهم ، قاله الحسن .

الرابع : لأنهم غفلوا عن ذكره لبعد عهدهم به ، حكاه ابن عيسى .

{ فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ } وفيه قولان :

أحدهما : من شيعته إسرائيلي ومن عدوه قبطي ، قاله ابن عباس .

الثاني : من شيعته مسلم ومن عدوه كافر ، قاله ابن إسحاق .

{ فاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ } حكى ابن سلام أن القبطي سخّر الإسرائيلي ليحمل له حطباً لمطبخ فرعون فأبى عليه فاستغاث بموسى . قال سعيد بن جبير : وكان خبازاً لفرعون { فَوَكَزَهُ مُوسَى } قال قتادة : بعصاه وقال مجاهد : بكفّه أي دفعه ، الوكز واللكز واحد والدفع .

قال رؤبة :

بعدد ذي عُدَّةٍ ووكز{[2130]} ***

إلا أن الوكز في الصدر واللكز في الظهر .

فعل موسى ذلك وهو لا يريد قتله وإنما يريد دفعه .

{ فَقَضَى عَلَيهِ } أي فقتله .

و { قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ } أي من إغوائه .

{ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُّبِينٌ } قال الحسن : لم يكن يحل قتل الكافر يومئذٍ في تلك الحال لأنها كانت حال كف عن القتال .


[2130]:ورد هذا البيت في اللسان (وشن) فقال: وإن حبت أو شاز كل نشز بعدد ذي عدة وركز والوشز رفع رأس الشيء وكذا الأمر الشديد فأوشاز بمعنى شدائد. والمعنى: فإن سألت بأعداد كثيرة. انظر اللسان – وشز.