قوله تعالى ذكره{[53374]} : { دخل المدينة على حين غفلة من أهلها{[53375]} إلى قوله : { من المصلحين }[ 18 ] ، أي ودخل موسى منفا{[53376]} من مصر على حين غفلة من أهلها ، وهو نصف النهار .
وقيل{[53377]} : بين المغرب والعشاء .
قال السدي{[53378]} : كان موسى حين كبر ، يركب{[53379]} مراكب فرعون ، ويلبس{[53380]} ما يلبس ، وكان إنما يدعى موسى بن فرعون ، ثم إن فرعون ركب مركبا وليس عنده موسى ، فلما جاء موسى قيل له : إن فرعون قد ركب ، فركب موسى في أثره ، فأدركه المقيل بمنف فدخلها نصف النهار ، وليس بطرقها{[53381]} أحد .
وقال ابن{[53382]} إسحاق : كانت لموسى لما كبر{[53383]} وفيهم شيعة من بني إسرائيل ، يسمعون منه ، ويقتدون به ، ويطيعونه{[53384]} ، ويجتمعون إليه ، فلما اشتد رأيه ، وعرف ما هو عليه من الحق ، رأى فراق فرعون وقومه على{[53385]} ما هم عليه حقا في دينه ، فتكلم ، وعادى ، وأنكر{[53386]} حتى ذكر ذلك منه ، وحتى خافوه ، وخافهم ، وحتى كان لا يدخل قرية فرعون إلا مستخفيا ، فدخلها يوما على حين غفلة من أهلها{[53387]} .
وقال ابن زيد : معناه{[53388]} : على حين غفلة من ذكر موسى ، ليس غفلة ساعة ، وذلك أن فرعون خاف موسى ، فأخرجه عنه{[53389]} ، فلم يدخل عليهم{[53390]} حتى كبر ، فدخل وقد نسي ذكره ، وغفل عن أمره{[53391]} .
قال ابن عباس{[53392]} : دخل نصف النهار وقت القائلة{[53393]} ، وعنه : دخل بين المغرب والعشاء .
ثم قال : { فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه }[ 14 ] ، أي أحدهما إسرائيلي من أهل دينه ، والآخر قبطي من قوم فرعون وعلى دينه ، وذكر{[53394]} أنهما اقتتلا في الدين الإسرائيلي على دين موسى والقبطي على دين فرعون ، فعند ذلك حميت نفس موسى في الدين ، فوكز القبطي ، فأتى عليه ومات من وكزته .
وعدو هنا بمعنى أعداء ، وكذلك يقال في المؤنث{[53395]} . ومن العرب من يدخل الهاء يجعله بمعنى : معادية .
ثم قال : { فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه }[ 14 ] .
قال ابن جبير : مر موسى برجل من القبط قد سخر رجلا من المسلمين فلما رأى المسلم موسى استغاث به ، فقال : يا موسى ، يا موسى ، فقال موسى : خل سبيله ، فقال القبطي : قد هممت أن أحمله عليك ، فوكزه موسى{[53396]} فمات ، قال{[53397]} : حتى إذا كان الغد نصب النهار ، خرج ينظر الخبر ، فإذا ذاك الرجل قد أخذه آخر ، فقال : يا موسى ، فاشتد غضب موسى على القبطي فأهوى إليه ، فخاف المسلم أن يكون إنما أتاه{[53398]} يريده ، فقال له{[53399]} : { أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس } .
فقال القبطي : يا موسى أراك{[53400]} أنت الذي قتلت{[53401]} بالأمس{[53402]} .
قال ابن عباس : لما بلغ موسى أشده لم يكن أحد من آل فرعون يخلص إلى أحد من بني إسرائيل معه بظلم ولا بسخرة ، حتى امتنعوا كل الامتناع . فبينا هو يمشي ذات يوم في ناحية المدينة ، إذا هو برجلين يقتتلان : أحدهما من بني إسرائيل والآخر من آل فرعون ، فاستغاثه{[53403]} الإسرائيلي على الفرعوني ، فغضب موسى ، فوكز الفرعوني فقتله ، ولم يرهما أحد إلا الله جل ذكره ، فقال موسى لما مات : { هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين }[ 14 ] ، وفي هذا الحديث اختصار{[53404]} .
قال مجاهد{[53405]} : وكزه بجمع كفه .
وقال قتادة{[53406]} : وكزه بالعصا ولم يتعمد قتله فقضى عليه أي ففزع منه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.