تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأۡتِ مِنكُنَّ بِفَٰحِشَةٖ مُّبَيِّنَةٖ يُضَٰعَفۡ لَهَا ٱلۡعَذَابُ ضِعۡفَيۡنِۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٗا} (30)

يقول تعالى واعظًا نساء النبي صلى الله عليه وسلم ، اللاتي اخترن الله ورسوله والدار الآخرة ، واستقر{[23376]} أمرهن تحت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخبرهن{[23377]} بحكمهن [ وتخصيصهن ]{[23378]} دون سائر النساء ، بأن من يأت منهن بفاحشة مبينة - قال ابن عباس : وهي النشوز وسوء الخلق . وعلى كل تقدير فهو شرط ، والشرط لا يقتضي الوقوع كقوله تعالى : { وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } [ الزمر : 65 ] ، وكقوله : { وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [ الأنعام : 88 ] ، { قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ } [ الزخرف : 81 ] ، { لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } [ الزمر : 4 ] ، فلما كانت محلَّتهن رفيعة ، ناسب أن يجعل الذنب لو وقع منهن مغلظا ، صيانة لجنابهن وحجابهن الرفيع ؛ ولهذا قال : { مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ } .

قال مالك ، عن زيد بن أسلم : { يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ } قال : في الدنيا والآخرة .

وعن ابن أبي نجيح [ عن مجاهد ]{[23379]} مثله .

{ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا } أي : سهلا هينا .


[23376]:- في ت: "فاستقر.
[23377]:- في أ: "يخبرن".
[23378]:- زيادة من أ.
[23379]:- زيادة من ت ، ف ، أ.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأۡتِ مِنكُنَّ بِفَٰحِشَةٖ مُّبَيِّنَةٖ يُضَٰعَفۡ لَهَا ٱلۡعَذَابُ ضِعۡفَيۡنِۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٗا} (30)

{ يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة } بكبيرة . { مبينة } ظاهر قبحها على قراءة ابن كثير وأبي بكر والباقون بكسر الياء . { يضاعف لها العذاب ضعفين } ضعفي عذاب غيرهن أي مثليه ، لأن الذنب منهن أقبح فإن زيادة قبحه تتبع زيادة فضل المذنب والنعمة عليه ولذلك جعل حد الحر ضعفي حد العبد ، وعوتب الأنبياء بما لا يعاتب به غيرهم وقرأ البصريان يضعف على البناء للمفعول ، ورفع " العذاب " وابن كثير وابن عامر " نضعف " بالنون وبناء الفاعل ونصب " العذاب " . { وكان ذلك على الله يسيرا } لا يمنعه عن التضعيف كونهن نساء النبي وكيف وهو سببه .