معاني القرآن للفراء - الفراء  
{يَٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأۡتِ مِنكُنَّ بِفَٰحِشَةٖ مُّبَيِّنَةٖ يُضَٰعَفۡ لَهَا ٱلۡعَذَابُ ضِعۡفَيۡنِۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٗا} (30)

وقوله : { مَن يَأْتِ مِنكُنَّ 30 } اجتمعت القراء على قراءة { مَن يَأْتِ } بالياء واختلفوا في قوله : { وَيَعْمَلْ صَالِحا } فقرأها عاصم والحسَن وأهلُ المدينة بالتاء : وقرأها الأعمش وأبو عبد الرحمن السُلَمىّ بالياء . فالذين قرءوا بالياء أتْبعوا الفعْل الآخر ب { يَأْتِ } إذْ كان مذكّرا . والذينَ أنّثوا قالوا لما جاء الفعل بعدهُنَّ عُلِم أنه للأنثى ، فأخرجناهُ على التأويل . والعرب تقول : كم بيع لك جاريةً ، فإذا قالوا : كم جاريةً بيعت لك أنّثوا ، والفعل في الوجهين جميعاً لكُمْ ، إلاّ أن الفعل لما أتى بعد الجارية ذُهِب به إلى التأنيث ، ولو ذكّر كان صواباً ، لأنَّ الجارية مفسِّرةٌ ليسَ الفِعْلُ لها ، وأنشدني بعض العرب :

أيام أم عمرٍو من يكن عقرَ داره *** جواء عدىٍّ يأكل الحشرات

ويسود من لفح السّموم جَبينه *** ويَعْرَ وإن كانوا ذوى بكرات

وجواء عَدِىٍّ .

قال الفراء : سمعتها أيضاً نصباً ولو قال : ( وإن كان ) كانَ صَوَاباً وكل حَسَنٌ .