تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأۡتِ مِنكُنَّ بِفَٰحِشَةٖ مُّبَيِّنَةٖ يُضَٰعَفۡ لَهَا ٱلۡعَذَابُ ضِعۡفَيۡنِۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٗا} (30)

الآية 30 وقوله تعالى : { يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين } قال بعضهم :

الفاحشة المبينة ، هي النشوز البين . وقال بعضهم : لا بل الفاحشة المبينة ، هي الزنا الظاهر ويقال : مبينة [ بالفتح ]( {[16606]} ) بشهادة أربعة عدول ، ومبينة بالكسر أي مبينة ظاهرة : { يضاعف لها العذاب ضعفين } الجلد و الرجم في الدنيا .

ولكن كيف يعرف ضعف الرجم في الدنيا من لا يعرف حد رجم واحد إذا كان ذلك في عذاب الدنيا ، وإن كان في عذاب الآخرة ، فكيف ذكر فاحشة مبينة ، وذلك عند الله ظاهر بين ؟ .

وقال بعضهم : /427-أ/ { يضاعف لها العذاب ضعفين } في الدنيا والآخرة : أما في الدنيا فمثلي حدود النساء ، وأما في الآخرة فضعفي ما يعذب به سائر النساء .

فجائز أن يكون هذا صلة قوله : { إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها } إذا اخترن الدنيا ، فمتى أتين بفاحشة ضوعف لهن من العذاب ما ذكر . وإذا اخترن المقام عند رسول الله ، والدار الآخرة آتاهن الأجر مرتين . أو أن يكون إذا اخترن المقام عند رسول الله والدار الآخرة ، ثم آتين بفاحشة ، ضوعف لهن ما ذكر من العذاب لئلا يحسبن أنهن إذا اخترن الله ورسوله والدار الآخرة [ لا يعاقبن بما ارتكبن من معصية . بل هذا إخبار لهن أنكن ، وإن اخترتن الدار الآخرة ]( {[16607]} ) ثم ارتكبتن ما ذكرت( {[16608]} ) ، عوقبتن ضعف ما عوقب به غيركن( {[16609]} ) .

وإذا أطعتن الله ورسوله ضوعف لكن الأجر مرتين ، والله أعلم .

والأشبه أن يكون ما ذكر من ضعف العذاب في الآخرة على ما يقول بعض أهل التأويل . ألا ترى أنه ذكر لهن الأجر كِفْلَين ؟ ومعلوم أن ذلك في الآخرة . فعلى ذلك العذاب .

وأما قوله : مبينة عند الخلق ، فقد( {[16610]} ) كانت عند الله مبينة ظاهرة . وذلك جائز في اللغة .

وقوله تعالى : { وكان ذلك على الله يسيرا } [ هذا يحتمل وجهين :

أحدهما : أي عذابهن { على الله يسيرا } هينا ، لا يثقل عليه ، ولا يشتد ، لمكان رسول الله ، بل على الله يسير هين .

والثاني : أن إتيانكن الفاحشة ومعصيتكن على الله يسيرا ]( {[16611]} ) أي لا يلحقه ضرر ولا تبعة ، ليس كمعصية خواص الملك له في الدنيا ، يلحقه الضرر والذل إذا عصوه ، وأعرضوا عنه .

فأما الله سبحانه فعزيز بذاته ، غني ، لا يضره عصيان عبيده ، بل يضرون( {[16612]} ) أنفسهم .


[16606]:ساقطة من الأصل وم، انظر معجم القراءات القرآنية ج 5/121.
[16607]:من نسخة الحرم المكي، ساقطة من الأصل وم.
[16608]:في الأصل وم: ذكره.
[16609]:في الأصل وم: غيره.
[16610]:في الأصل وم: وإن.
[16611]:من م، ساقطة من الأصل.
[16612]:في الأصل وم: ضروا.