تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ أَوۡلِيَآءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (51)

ينهى تعالى عباده المؤمنين عن موالاة اليهود والنصارى ، الذين هم أعداء الإسلام وأهله ، قاتلهم الله ، ثم أخبر{[9948]} أن بعضهم أولياء بعض ، ثم تهدد وتوعد من يتعاطى ذلك فقال : { وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ] }{[9949]}

قال{[9950]} ابن أبي حاتم : حدثنا كثير بن شهاب ، حدثنا محمد - يعني ابن سعيد بن سابق - حدثنا عمرو بن أبي قيس ، عن سِمَاك بن حَرْب ، عن عِياض : أن عمر أمر أبا موسى الأشعري أن يرفع إليه ما أخذ وما أعطى في أديم واحد ، وكان له كاتب نصراني ، فرفع إليه ذلك ، فعجب عمر [ رضي الله عنه ]{[9951]} وقال : إن هذا لحفيظ ، هل أنت قارئ لنا كتابًا في المسجد جاء من الشام ؟ فقال : إنه لا يستطيع [ أن يدخل المسجد ]{[9952]} فقال عمر : أجُنُبٌ هو ؟ قال : لا بل نصراني . قال : فانتهرني وضرب فخذي ، ثم قال : أخرجوه ، ثم قرأ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ [ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ] }{[9953]}

ثم قال الحسن بن محمد بن الصباح : حدثنا عثمان بن عمر ، أنبأنا ابن عَوْن ، عن محمد بن سِيرِين قال : قال عبد الله بن عتبة : ليتق أحدكم أن يكون يهوديًا أو نصرانيًا ، وهو لا يشعر . قال : فظنناه يريد هذه الآية : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ [ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ] }{[9954]} الآية . وحدثنا{[9955]} أبو سعيد الأشج ، حدثنا ابن فضيل ، عن عاصم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أنه سئل عن ذبائح نصارى العرب ، فقال : كُلْ ، قال الله تعالى : { وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ }

وروي عن أبي الزناد ، نحو ذلك .

/خ53


[9948]:في أ: "خبر".
[9949]:زيادة من أ.
[9950]:في ر: "ثم قال".
[9951]:زيادة من أ.
[9952]:زيادة من أ.
[9953]:زيادة من أ.
[9954]:زيادة من ر، أ.
[9955]:في أ: "ثم قال: وحدثنا".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ أَوۡلِيَآءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (51)

{ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء } فلا تعتمدوا عليهم ولا تعاشروهم معاشرة الأحباب . { بعضهم أولياء بعض } إيماء على علة النهي ، أي فإنهم متفقون على خلافكم يوالي بعضهم بعضا لاتحادهم في الدين واجماعهم على مضادتكم . { ومن يتولهم منكم فإنه منهم } أي ومن والاهم منكم فإنه من جملتهم ، وهذا التشديد في وجوب مجانبتهم كما قال عليه الصلاة والسلام : " لا تتراءى ناراهما " ، أو لأن الموالي لهم كانوا منافقين . { إن الله لا يهدي القوم الظالمين } أي الذين ظلموا أنفسهم بموالاة الكفار أو المؤمنين بموالاة أعدائهم .