الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ أَوۡلِيَآءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (51)

لا تتخذوهم أولياء تنصرونهم وتستنصرونهم وتؤاخونهم وتصافونهم وتعاشرونهم معاشرة المؤمنين . ثم علل النهي بقوله : { بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ } أي إنما يوالي بعضهم بعضاً لاتحاد ملتهم واجتماعهم في الكفر ، فما لمن دينه خلاف دينهم ولموالاتهم { وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مّنكُمْ فَإِنَّهُ } من جملتهم وحكمه حكمهم . وهذا تغليظ من الله وتشديد في وجوب مجانبة المخالف في الدين واعتزاله ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تراءى ناراهما " ومنه قول عمر رضي الله عنه لأبي موسى في كاتبه النصراني : لا تكرموهم إذ أهانهم الله ، ولا تأمنوهم إذ خوّنهم الله ، ولا تدنوهم إذ أقصاهم الله : وروي : أنه قال له أبو موسى : لا قوام للبصرة إلا به ، فقال : مات النصراني والسلام ، يعني هب أنه قد مات ، فما كنت تكون صانعاً حينئذ فاصنعه الساعة ، واستغن عنه بغيره { إِنَّ الله لاَ يَهْدِى القوم الظالمين } يعني الذين ظلموا أنفسهم بموالاة الكفر يمنعهم الله ألطافه ويخذلهم مقتاً لهم .