الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ أَوۡلِيَآءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (51)

{ يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَآءَ } اختلفوا في نزول هذه الآية ، فإن كان حكمها عاماً لجميع المؤمنين .

فقال العوفي والزهري : " لما انهزم أهل بدر ، قال المسلمون لأوليائهم من اليهود أهربوا قبل أن يصيبكم اللّه بيوم مثل يوم بدر . فقال مالك بن الصيف : أغرّكم أن أصبتم رهطاً من قريش لا علم لهم بالقتال ، أما لو أسررنا العزيمة أن نستجمع عليكم لم يكن لكم يد أن تقتلونا .

فجاء عبادة بن الصامت الخزرجي إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول اللّه إن لي أولياء من اليهود كثير عددهم ، قويّة أنفسهم ، شديدة شوكتهم كثيراً سلاحهم وإني أبرأ إلى اللّه وإلى رسوله من ولايتهم وولاية اليهود ، ولا مولا لي إلاّ الله ورسوله ، قال عبد اللّه بن أُبي : لكني لا أبرأ من ولاية اليهود لأني أخاف الدوائر ولا بد لي منهم ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم " يا أبا الحباب ما نفست من ولاية اليهود على عبادة بن الصامت فهو لك دونه " قال : قد قبلت فأنزل اللّه عز وجل هذه الآية " قال السدّي : لما كانت وقعة أحد إشتد على طائفة من الناس وتخوفوا أن يدل عليهم الكفار .

فقال رجل من المسلمين : أما أنا فألحق بدهلك اليهودي وأخذ منه أماناً فإني أخاف أن يدل علينا اليهود .

وقال رجل آخر : أما أنا فالحق بفلان النصراني ببعض أهل الشام فأخذ منه أماناً وأنزل اللّه هذه الآية ينهاهما .

وقال عكرمة : نزلت في أبي لبانة بن عبد المنذر حين قال للنبي صلى الله عليه وسلم إذا رضوا بحكم سعد إنه الذبح { بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } في العون والنصرة ، ويدهم واحدة على المسلمين .

{ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ } فيوافقهم على دينهم ويعينهم { فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } يقول ابن سيرين : عن رجل بيع داره من النصارى ، يتخذونها بيعة فتلا هذه الآية