{ يا أيها الذين آمنوا } خطاب يعُمّ حكمُه كافةَ المؤمنين من المخلصين وغيرهم ، وإن كان سببُ ورودِه بعضاً منهم كما سيأتي ، ووصفُهم بعنوان الإيمان لحملهم من أول الأمر على الانزجار عما نُهوا عنه بقوله عز وجل : { لاَ تَتَّخِذُوا اليهود والنصارى أَوْلِيَاء } فإن تذكيرَ اتصافِهم بضد صفات الفريقين من أقوى الزواجر عن موالاتِهما ، أي لا يتخذْ أحدٌ منكم أحداً منهم ولياً ، بمعنى لا تُصافوُهم ولا تعاشِروهم مُصافاةَ الأحباب ومعاشرَتَهم لا بمعنى لا تجعلوهم أولياءَ لكم حقيقة ، فإنه أمرٌ ممتنِعٌ في نفسه لا يتعلق به النهي { بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ } أي بعضُ كلِّ فريق من ذَيْنِك الفريقَيْن أولياءُ بعضٍ آخَرَ من ذلك الفريق لا من الفريق الآخر ، وإنما أوثر الإجمالُ في البيان تعويلاً على ظهور المُراد لوضوح انتفاءِ الموالاة بين فريقَي اليهود والنصارى رأساً ، والجملة مستأنفةٌ مَسوقة لتعليل النهي وتأكيدِ إيجاب الاجتناب عن المنْهيِّ عنه أو ( بعضُهم أولياء بعض ) متفقون على كلمة واحدة في كل ما يأتون وما يذرون ومن ضرورته إجماعُ الكل على مُضادَّتكم ومضارَّتِكم بحيث يسومونكم السوءَ ويبغونكم الغوائل ، فكيف يُتصورُ بينكم وبينهم موالاة ؟ وقوله تعالى : { وَمَن يَتَوَلَّهُمْ منكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } حكمٌ مستنتَجٌ منه ، فإن انحصارَ الموالاة فيما بينهم يستدعي كونَ من يواليهم منهم ، ضرورةَ أن الاتحادَ في الدين الذي عليه يدور أمرُ الموالاة حيث لم يكن بكونهم ممن يواليهم من المؤمنين ، تعيّنَ أن يكون ذلك بكَوْنِ من يواليهم منهم ، وفيه زجرٌ شديد للمؤمنين عن إظهار صورةِ الموالاة لهم وإن لم تكن موالاةً في الحقيقة وقوله تعالى : { إِنَّ الله لاَ يَهْدِي القوم الظالمين } تعليلٌ لكون من يتولاهم منهم أي لا يهديهم إلى الإيمان بل يخليهم وشأنَهم فيقعون في الكفر والضلالة ، وإنما وَضعَ المُظْهَرَ موضع ضميرِهم تنبيهاً على أن تولِّيهم ظلمٌ ، لما أنه تعريضٌ لأنفسهم للعذاب الخالد ووضعٌ للشيء في غير موضعه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.