النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ أَوۡلِيَآءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (51)

قوله تعالى : { يَأَيُّهَا الَّذينَ ءَامُنُوا لاَ تَتَّخِذُوا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيآءَ } اختلف أهل التفسير فيمن نزلت فيه هذه الآية على ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنها نزلت في عُبادة بن الصامت ، وعبد بن أبي ابن سلول ، حين تبرأ عُبادة من حِلف اليهود وقال : أتولى الله ورسوله حين ظهرت عداوتهم لله ولرسوله . وقال عبد الله بن أبي : لا أتبرأ من حلفهم وأخاف الدوائر ، وهذا قول الزهري .

والثاني : أنها نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر حين بَعَثَه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة لما نقضوا العهد فلما أطاعوا بالنزول على حكم سعد أشار إلى حلقه إليهم أنه الذبح ، وهذا قول عكرمة .

والثالث ، أنها نزلت في رجلين من الأنصار خافا من وقعة أحد فقال أحدهما لصاحبه : أَلحَقُ باليهود وأتهود معهم ، وقال الآخر : ألحق بالنصارى فأتنصر معهم ليكون ذلك لهما أماناً من إدالة الكفار على المسلمين ، وهذا قول السدي .

{ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنْكُمْ فِإِنَّهُ مِنْهُم } يحتمل وجهين :

أحدهما : موالاتهم في العهد فإنه منهم في مخالفة الأمر .

والثاني : موالاتهم في الدين فإنه منهم في حكم الكفر ، وهذا قول ابن عباس .