وقوله : { عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ } أي : لباس أهل الجنة فيها الحرير ، ومنه سندس ، وهو رفيع الحرير كالقمصان ونحوها مما يلي أبدانهم ، والإستبرق منه ما فيه بريق ولمعان ، وهو مما يلي الظاهر ، كما هو المعهود في اللباس{[29614]} { وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ } وهذه صفة الأبرار ، وأما المقربون فكما قال : { يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } [ الحج : 23 ]
ولما ذكر تعالى زينة الظاهر بالحرير والحلي قال{[29615]} بعده : { وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا } أي : طهر بواطنهم من الحَسَد والحقد والغل والأذى وسائر الأخلاق الرّديَّة ، كما روينا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه قال : إذا انتهى أهلُ الجنة إلى باب الجنة وَجَدوا هنالك عينين فكأنما ألهموا ذلك فشربوا من إحداهما [ فأذهب الله ]{[29616]} ما في بطونهم من أذى ، ثم اغتسلوا من الأخرى فَجَرت عليهم نضرةُ النعيم .
عليهم ثياب خضر سندس وإستبرق يعلوهم ثياب الحرير الخضر ما رق منها وما غلظ ونصبه على الحال من هم في عليهم أو حسبتهم أو ملكا على تقدير مضاف أي وأهل ملك كبير عاليهم وقرأ نافع عاليهم حمزة بالرفع على أنه خبر ثياب وقرا ابن كثير وأبو بكر خضر بالجر حملا على سندس بالمعنى فإنه اسم جنس وإستبرق بالرفع عطفا على ثياب وقرأهما حفص وحمزة والكسائي بالرفع وقرئ واستبرق بوصل الهمزة والفتح على أنه استفعل من البريق جعل علما لهذا النوع من الثياب وحلوا أساور من فضة عطف على ويطوف عليهم ولا يخالفه قوله أساور من ذهب لإمكان الجمع والمعاقبة والتبعيض فإن حلي أهل الجنة تختلف باختلاف أعمالهم فلعله تعالى يفيض عليهم جزاء لما عملوه بأيديهم حليا وأنوارا تتفاوت الذهب والفضة أو حال من الضمير في عاليهم بإضمار قد وعلى هذا يجوز أن يكون هذا للخدم وذلك للمخدومين وسقاهم ربهم شرابا طهورا يريد به نوعا آخر يفوق على النوعين المتقدمين ولذلك أسند سقيه إلى الله عز وجل ووصفه بالطهورية فإنه يطهر شاربه عن الميل إلى اللذات الحسية والركون إلى ما سوى الحق فيتجرد لمطالعة جماله ملتذا بلقائه باقيا ببقائه وهي منتهى درجات الصديقين ولذلك ختم بها ثواب الأبرار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.