تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{وَقَالَتِ ٱمۡرَأَتُ فِرۡعَوۡنَ قُرَّتُ عَيۡنٖ لِّي وَلَكَۖ لَا تَقۡتُلُوهُ عَسَىٰٓ أَن يَنفَعَنَآ أَوۡ نَتَّخِذَهُۥ وَلَدٗا وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (9)

وقوله تعالى : { وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ } يعني : أن فرعون لما رآه همَّ بقتله خوفًا من أن يكون من بني إسرائيل فجعلت امرأته آسية بنت مزاحم تُحَاجُّ عنه وتَذب دونه ، وتحببه إلى فرعون ، فقالت : { قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ } فقال : أما لك فَنَعَم ، وأما لي فلا . فكان كذلك ، وهداها الله به ، وأهلكه الله على يديه ، وقد تقدم في حديث الفتون في سورة " طه " هذه القصة بطولها ، من رواية ابن عباس مرفوعًا عن النسائي وغيره .

وقوله " : { عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا } ، وقد حصل لها ذلك ، وهداها الله به ، وأسكنها الجنة بسببه . وقولها : { أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا } أي : أرادت أن تتخذه ولدًا وتتبناه ، وذلك أنه لم يكن لها ولد منه .

وقوله تعالى : { وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ } أي : لا يدرون ما أراد الله منه بالتقاطهم إياه ، من الحكمة العظيمة البالغة ، والحجة القاطعة .