فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَقَالَتِ ٱمۡرَأَتُ فِرۡعَوۡنَ قُرَّتُ عَيۡنٖ لِّي وَلَكَۖ لَا تَقۡتُلُوهُ عَسَىٰٓ أَن يَنفَعَنَآ أَوۡ نَتَّخِذَهُۥ وَلَدٗا وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (9)

{ وَقَالَتِ امرأت فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لّي وَلَكَ } أي قالت امرأة فرعون لفرعون ، وارتفاع { قرّة } على أنه خبر مبتدأ محذوف ، قاله الكسائي وغيره . وقيل : على أنه مبتدأ وخبره { لاَ تَقْتُلُوهُ } قاله الزجاج ، والأوّل أولى . وكان قولها لهذا القول عند رؤيتها له لما وصل إليها ، وأخرجته من التابوت ، وخاطبت بقولها { لاَ تَقْتُلُوهُ } فرعون ، ومن عنده من قومه ، أو فرعون وحده على طريقة التعظيم له . وقرأ عبد الله بن مسعود : " وقالت امرأة فرعون لا تقتلوه قرّة عين لي ولك " ، ويجوز نصب { قرّة } بقوله { لاَ تَقْتُلُوهُ } على الاشتغال . وقيل إنها قالت : لا تقتلوه فإن الله أتى به من أرض بعيدة ، وليس من بني إسرائيل . ثم عللت ما قالته بالترجي منها لحصول النفع منه لهم ، أو التنبي له ، فقالت : { عسى أَن يَنفَعَنَا } فنصيب منه خيراً { أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا } وكانت لا تلد ، فاستوهبته من فرعون فوهبه لها ، وجملة { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } في محل نصب على الحال : أي وهم لا يشعرون أنهم على خطأ في التقاطه ، ولا يشعرون أن هلاكهم على يده ؛ فتكون حالاً من آل فرعون ، وهي من كلام الله سبحانه . وقيل هي من كلام المرأة : أي وبنو إسرائيل لا يدرون أنا التقطناه ، وهم لا يشعرون ، قال الكلبي ، وهو بعيد جداً . وقد حكى الفراء عن السديّ عن الكلبي عن أبي صالح ، عن ابن عباس أن قوله { لاَ تَقْتُلُوهُ } من كلام فرعون ، واعترضه بكلام يرجع إلى اللفظ ، ويكفي في ردّه ضعف إسناده .

/خ13