فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَقَالَتِ ٱمۡرَأَتُ فِرۡعَوۡنَ قُرَّتُ عَيۡنٖ لِّي وَلَكَۖ لَا تَقۡتُلُوهُ عَسَىٰٓ أَن يَنفَعَنَآ أَوۡ نَتَّخِذَهُۥ وَلَدٗا وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (9)

{ قالت امرأة فرعون } وقد هم مع أعوانه لقتله . وهي آسية بنت مزاحم ، وقيل : كانت من خيار النساء ، وبنات الأنبياء ، وقيل : كانت من بني إسرائيل ، وقيل : كانت عمة موسى ، حكاه السهيلي .

{ قرة عين لي ولك } وكان قولها لهذا القول عند رؤيتها له ، لما وصل إليها وأخرجته من التابوت ، وخاطبت بقولها : { لا تقتلوه } فرعون ومن عنده من قومه ، أو فرعون وجده على طريقة التعظيم له . وقرأ ابن مسعود { قالت امرأة فرعون . لا تقتلوه ، قرة عين لي ولك } قيل : إنها قالت : هذا الولد أكبر من سنه ، وأنت تذبح ولدان هذه السنة فدعه يكون عندي .

وقد حكى الفراء عن السدي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس : أن قوله لا تقتلوه من كلام فرعون ، واعترضه بكلام يرجع إلى اللفظ ، ويكفي في رده ضعف إسناده ، وقيل : إنها قالت لا تقتلوه ، فإن الله أتى به من أرض بعيدة وليس من بني إسرائيل ، ثم عللت ما قالته بالترجي منها لحصول النفع منه لهم والتبني له ، فقالت :

{ عسى أن ينفعنا } فنصيب منه خيرا ، لأن خيرا فيه مخايل اليمن ، ودلائل النفع لأهله { أو نتخذه ولدا } وكانت لا تلد فاستوهبته من فرعون ، فوهبه لها { وهم لا يشعرون } أنهم على خطأ في التقاطه ، وأن هلاكهم على يده فيكون حالا من آل فرعون ، وهي من كلام الله سبحانه ، وقيل : هي من كلام المرأة أي وبنو إسرائيل لا يدرون أنا التقاطه وهم لا يشعرون قاله الكلبي ، وهو بعيدا جدا وما أحسن نظم هذا الكلم عند أصحاب المعاني والبيان .