إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَقَالَتِ ٱمۡرَأَتُ فِرۡعَوۡنَ قُرَّتُ عَيۡنٖ لِّي وَلَكَۖ لَا تَقۡتُلُوهُ عَسَىٰٓ أَن يَنفَعَنَآ أَوۡ نَتَّخِذَهُۥ وَلَدٗا وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (9)

{ وَقَالَتِ امرأة فِرْعَوْنَ } أي لفرعونَ حينَ أخرجتْهُ من التَّابوتِ { قُرَّةُ عَيْنٍ لّي وَلَكَ } أي هو قرَّةُ عينٍ لنا لِما أنَّهما لمّا رأياهُ أحبَّاهُ أو لما ذُكر من بُرءِ ابنتِه من البَرَصِ بريقِه . وفي الحديثِ أنَّه قالَ : ( لكِ لا لي ) ولو قال : لي كما هُو لكِ لهداهُ الله تعالى كما هداها { لاَ تَقْتُلُوهُ } خاطبتْهُ بلفظِ الجمعِ تعظيماً ليساعدَها فيما تريدُه { عسى أَن يَنفَعَنَا } فإنَّ فيه مخايلَ اليُمنِ ودلائلَ النَّجابةِ وذلك لِمَا رأتْ فيهِ من العلاماتِ المذكورةِ { أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا } أي نتبنَّاهُ فإنَّه خليقٌ بذلكَ { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } حالٌ من آلِ فرعونَ والتَّقديرُ فالتقطَه آلُ فرعونَ ليكونَ لهم عدُواً وحَزناً ، وقالتِ امرأتُه له كيتَ وكيتَ وهُم لا يشعرون بأنَّهم على خطأ عظيمٍ فيما صنعُوا من الالتقاط ورجاءِ النَّفعِ منه والتَّبني له . وقولُه تعالى : { إِنَّ فِرْعَوْنَ } [ سورة القصص ، الآية4 ] الآيةَ ، اعتراضٌ وقعَ بين المعطوفينِ لتأكيدِ خطئِهم ، وقيل : حالٌ من أحدِ ضميريّ نتخذُه على أنَّ الضَّميرَ للنَّاسِ أيْ وهُم لا يعلمونَ أنَّه لغيرِنا وقد تبنيناهُ .