الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَقَالَتِ ٱمۡرَأَتُ فِرۡعَوۡنَ قُرَّتُ عَيۡنٖ لِّي وَلَكَۖ لَا تَقۡتُلُوهُ عَسَىٰٓ أَن يَنفَعَنَآ أَوۡ نَتَّخِذَهُۥ وَلَدٗا وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (9)

قوله : { قُرَّةُ عَيْنٍ } : فيه وجهان ، أظهرهما : أنَّه خبرُ مبتدأ مضمرٍ أي : هو قُرَّةُ عينٍ . والثاني : وهو بعيدٌ جداً أَنْ يكونَ مبتدأ ، والخبرُ " لا تَقْتُلوه " . وكأنَّ هذا القائلَ حقُّه أَنْ يُذَكَّر فيقول : لا تقتلوها إلاَّ أنه لمَّا كان المرادُ مذكراً ساغَ ذلك .

والعامَّة من القرَّاء والمفسرين وأهلِ العلم يقفون على " ولَكَ " . ونقل ابن الأنباري بسنده إلى ابن عباس عنه أنه وَقَف على " لا " أي : هو قُرَّةُ عينٍ لي فقط ، ولك لا ، أي ليس هو لك قرةَ عين ، ثم يَبْتَدِىء بقوله " تَقْتُلوه " ، وهذا لا ينبغي أن يَصِحَّ عنه ، وكيف يَبْقَى " تَقْتُلوه " من غيرِ نونِ رفعٍ ولا مُقْتَضٍ لحَذْفِها ؟ ولذلك قال الفراء : " هو لحنٌ .

قوله : { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } جملةٌ حاليةٌ . وهل هي من كلامِ الباري تعالى وهو الظاهرُ ، أو من كلامِ امرأةِ فرعون ؟ كأنَّها لَمَّا رأَتْ مَلأَه أشاروا بقتلِه قالَتْ له كذا أي : افعلَ أنتَ ما أقولُ لك ، وقومُك لا يَشْعُرون . وجَعَل الزمخشريُّ الجملةَ مِنْ قولِه : { وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ } معطوفةً على " فالتقطه " ، والجملةَ مِنْ قولِه : { إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ } إلى " خاطئين " معترضاً بين المتعاطفين/ ، وجَعَلَ متعلَّقَ الشعور مِنْ جنسِ الجملةِ المعترضةِ أي : لا يَشْعُرون أنهم على خطأ في التقاطِه . قال الشيخ : " ومتى أمكن حَمْلُ الكلامِ على ظاهرِه مِنْ غيرِ فصلٍ كان أحسنَ " .