قوله تعالى : " وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه " يروى أن آسية امرأة فرعون رأت التابوت يعوم في البحر ، فأمرت بسوقه إليها وفتحه فرأت فيه صبيا صغيرا فرحمته وأحبته ، فقالت لفرعون : " قرة عين لي ولك " أي هو قرة عين لي ولك ف " قرة " خبر ابتداء مضمر . قاله الكسائي . وقال النحاس : وفيه وجه آخر بعيد ذكره أبو إسحاق . قال{[12333]} : يكون رفعا بالابتداء والخبر " لا تقتلوه " وإنما بعد لأنه يصير المعنى أنه معروف بأنه قرة عين ، وجوازه أن يكون المعنى : إذا كان قرة عين لي ولك فلا تقتلوه . وقيل : تم الكلام عند قوله : " ولك " النحاس : والدليل على هذا أن في قراءة عبدالله بن مسعود : " وقالت امرأة فرعون لا تقتلوه قرة عين لي ولك " ويجوز النصب بمعنى لا تقتلوا قرة عين لي ولك وقالت : " لا تقتلوه " ولم تقل لا تقتله فهي تخاطب فرعون كما يخاطب الجبارون ، وكما يخبرون عن أنفسهم . وقيل : قالت : " لا تقتلوه " فإن الله أتى به من أرض أخرى وليس من بني إسرائيل . " عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا " " عسي أن ينفعنا " فنصيب منه خيرا " أو نتخذه ولدا " وكانت لا تلد ، فاستوهبت موسى من فرعون فوهبه لها ، وكان فرعون لما رأى الرؤيا وقصها على كهنته وعلمائه على ما تقدم - قالوا له إن غلاما من بني إسرائيل يفسد ملكك ، فأخذ بني إسرائيل بذبح الأطفال ، فرأى أنه يقطع نسلهم فعاد يذبح عاما ويستحيي عاما ، فولد هارون في عام الاستحياء ، وولد موسى في عام الذبح .
قوله تعالى : " وهم لا يشعرون " هذا ابتداء كلام من الله تعالى ، أي وهم لا يشعرون أن هلاكهم بسببه . وقيل : هو من كلام المرأة ، أي وبنو إسرائيل لا يدرون أنا التقطناه ، ولا يشعرون إلا أنه ولدنا ، واختلف المتأولون في الوقت الذي قالت فيه امرأة فرعون " قرة عين لي ولك " فقالت فرقة : كان ذلك عند التقاطه التابوت لما أشعرت فرعون به ، ولما أعلمته سبق إلى فهمه أنه من بني إسرائيل ، وأن ذلك قصد به ليتخلص من الذبح فقال : علي بالذباحين ؛ فقالت امرأته ما ذكر فقال فرعون : أما لي فلا . قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لو قال فرعون نعم لآمن بموسى ولكان قرة عين له ) وقال السدي : بل ربته حتى درج فرأى فرعون فيه شهامة وظنه من بني إسرائيل وأخذه في يده ، فمد موسى يده ونتف لحية فرعون فهم حينئذ يذبحه ، وحينئذ خاطبته بهذا ، وجربته له في الياقوتة والجمرة ، فاحترق لسانه وعلق العقدة على ما تقدم في " طه " {[12334]} . قال الفراء : سمعت محمد بن مروان الذي يقال له السدي يذكر عن الكلبي عن أبى صالح عن ابن عباس أنه قال : إنما قالت " قرة عين لي ولك لا " ثم قالت : " تقتلوه " قال الفراء : وهو لحن . قال ابن الأنباري : وإنما حكم عليه باللحن لأنه لو كان كذلك لكان تقتلونه بالنون ؛ لأن الفعل المستقبل مرفوع حتى يدخل عليه الناصب أو الجازم ، فالنون فيه علامة الرفع قال الفراء : ويقويك على رده قراءة عبد الله بن مسعود " وقالت امرأة فرعون لا تقتلوه قرة عين لي ولك " بتقديم " لا تقتلوه "
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.