لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِٱلۡأُنثَىٰ ظَلَّ وَجۡهُهُۥ مُسۡوَدّٗا وَهُوَ كَظِيمٞ} (58)

{ وإذا بشر أحدهم بالأنثى } البشارة عبارة عن الخبر السار الذي يظهر على بشرة الوجه أثر الفرح به ، ولما كان ذلك الفرح والسرور يوجبان تغير بشرة الوجه ، كان كذلك الحزن ، والغم يظهر أثره على الوجه ، وهو الكمودة التي تعلو الوجه ، عند حصول الحزن والغم ، فثبت بهذا أن البشارة لفظ مشترك بين الخبر السار والخبر المحزن ، فصح قوله : وإذا بشر أحدهم بالأنثى { ظل وجهه مسوداً } ، يعني : متغيراً من الغم والحزن والغيظ والكراهة التي حصلت له عند هذه البشارة ، والمعنى : أن هؤلاء المشركين لا يرضى بالبنت الأنثى أن تنسب إليه ، فكيف يرضى أن ينسبها إلى الله تعالى ، ففيه تبكيت لهم وتوبيخ . وقوله سبحانه وتعالى : { وهو كظيم } ، يعني أنه ظل ممتلئاً غماً وحزناً .