فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِٱلۡأُنثَىٰ ظَلَّ وَجۡهُهُۥ مُسۡوَدّٗا وَهُوَ كَظِيمٞ} (58)

{ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ( 58 ) } :

ثم ذكر سبحانه كراهتهم للإناث ، التي جعلوها لله سبحانه ، فقال : { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى } ، أي : إذا أخبر أحدهم ، بولادة بنت له . { ظَلَّ } ، صار . { وَجْهُهُ مُسْوَدًّا } ، أي : متغيرا ، وليس المراد : السواد الذي هو ضد البياض ، بل المراد به : الكناية عن الانكسار والتغير ، بما يحصل من الغم والحزم والغيظ والكراهة ، والعرب تقول لكل من لقي مكروها ، قد اسود وجهه غما وحزنا . قاله الزجاج .

وقال الماوردي : بل المراد سواد اللون حقيقة ، قال وهو قول الجمهور والأول أولى ، فإن المعلوم بالوجدان ، أن من غضب وحزن واغتم ، لا يحصل في لونه إلا مجرد التغير ، وظهور الكآبة والانكسار ، لا السواد الحقيقي .

{ وَهُوَ كَظِيمٌ } ، أي : ممتلئ من الغم غيظا وحنقا ، يقال كظمت الغيظ ، كظما وكظوما ، ما أمسكت على ما في نفسك منه ، على صفح أو غيظ ، وربما قيل كظمت على الغيظ ، وكظمني الغيظ ؛ فأنا كظيم ومكظوم ، وكظم البعير كظوما ؛ لم يجتر ، قال الأخفش : هو الذي لا يكظم غيظه ولا يظهره ، وقيل إنه المغموم الذي يطبق فاه من الغم ، مأخوذ من الكظامة ؛ وهو سد فم البئر . قاله علي بن عيسى ، وقد تقدم في سورة يوسف .