فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِٱلۡأُنثَىٰ ظَلَّ وَجۡهُهُۥ مُسۡوَدّٗا وَهُوَ كَظِيمٞ} (58)

ثم ذكر سبحانه كراهتهم للإناث التي جعلوها لله سبحانه فقال : { وَإِذَا بُشّرَ أَحَدُهُمْ بالأنثى } أي : إذا أخبر أحدهم بولادة بنت له { ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّا } أي : متغيراً ، وليس المراد السواد الذي هو ضدّ البياض ، بل المراد الكناية بالسواد عن الانكسار والتغير بما يحصل من الغمّ ، والعرب تقول لكل من لقي مكروهاً : قد اسود وجهه غماً وحزناً . قاله الزجاج . وقال الماوردي : بل المراد سواد اللون حقيقة ، قال : وهو قول الجمهور ، والأوّل أولى ، فإن المعلوم بالوجدان أن من غضب وحزن واغتمّ لا يحصل في لونه إلاّ مجرد التغير وظهور الكآبة والانكسار لا السواد الحقيقي . وجملة { وَهُوَ كَظِيمٌ } في محل نصب على الحال ، أي : ممتلئ من الغمّ غيظاً وحنقاً . قال الأخفش : هو الذي يكظم غيظه ولا يظهره . وقيل : إنه المغموم الذي يطبق فاه من الغمّ . مأخوذ من الكظامة ، وهو سدّ فم البئر قاله عليّ بن عيسى ، وقد تقدّم في سورة يوسف .

/خ62