{ فاذكروني } قيل الذكر يكون باللسان ، وهو أن يسبحه ويحمده ويمجده ونحو ذلك من الأذكار ، ويكون بالقلب وهو أن يتفكر في عظمة الله تعالى ، وفي الدلائل الدالة على وحدانيته ، ويكون بالجوارح وهو أن تكون مستغرقة في الأعمال التي أمروا بها ، مثل الصلاة وسائر الطاعات التي للجوارح فيها فعل { أذكركم } أي بالثواب والرضا عنكم قال ابن عباس : اذكروني بطاعتي أذكركم بمعونتي وقيل : اذكروني في النعمة والرخاء أذكركم في الشدة والبلاء ، وقال أهل المعاني : اذكروني بالتوحيد والإيمان : أذكركم بالجنان والرضوان . وقيل : اذكروني بالإخلاص أذكركم بالخلاص اذكروني بالقلوب ، أذكركم بغفران الذنوب . اذكروني بالدعاء أذكركم بالعطاء ( ق ) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقول الله عز وجل : أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه ، وإن تقرب إليَّ شبراً تقربت إليه ذراعاً وإن تقرب إليَّ ذراعاً ، تقربت إليه باعاً ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة " .
قوله عز وجل : " أنا عند ظن عبدي بي " قيل : معناه بالغفران إذا استغفر وبالقبول والإجابة ، إذا دعا ، وبالكفاية إذا طلب الكفاية . وقيل : المراد منه تحقيق الرجاء وتأميل العفو وهذا أصح قوله : وأنا معه إذا ذكرني يعني بالرحمة والتوفيق والهداية والإعانة . وقوله : " فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي " . النفس في اللغة لها معان : منها ذات الشيء والله تعالى له ذات حقيقة . ومنها الغيب فعلى هذا يكون المعنى فإن ذكرني خالياً ذكرته بالإثابة والمجازاة مما لا يطلع عليه أحد . قوله : " وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه " . الملأ أشراف الناس وعظماؤهم الذين يرجع إلى رأيهم وهذا مما استدلت به المعتزلة ومن وافقهم على تفضيل الملائكة على الأنبياء . وأجيب عنه بأن الذكر غالباً يكون في جماعة لا نبي فيهم . قوله : " وإن تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً إلخ " . وهذا من أحاديث الصفات ويستحيل إرادة ظاهره فلا بد من التأويل فعلى هذا يكون ذكر الشبر والذراع والباع والمشي والهرولة استعارة ، ومجازاً فيكون المراد بقرب العبد من الله تعالى القرب بالذكر والطاعة والعمل الصالح والمراد بقرب الله من العبد قرب نعمه وألطافه وبره وكرمه وإحسانه إليه ، وفيض مواهبه ورحمته عليه والمعنى كلما زاد بالطاعة والذكر زدت بالبر والإحسان وإن أتاني في طاعتي أتيته هرولة أي صببت عليه الرحمة صباً وسبقته بها ( ق ) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " : يقول الله عز وجل : " أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه " ( ق ) عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت " ( م ) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " سبق المفردون قالوا وما المفردون يا رسول الله قال الذاكرون الله كثيراً والذاكرات " المفردون الذين ذهب القرن الذي كانوا فيه ، وبقوا وهم يذكرون الله تعالى . ويقال : تفرد الرجل إذا تفقه واعتزل .
وقوله تعالى : { واشكروا لي } يعني بالطاعة { ولا تكفرون } أي بالمعصية فمن أطاع الله فقد شكره ومن عصاه فقد كفره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.