الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَٱذۡكُرُونِيٓ أَذۡكُرۡكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لِي وَلَا تَكۡفُرُونِ} (152)

وقوله تعالى : { وَاشْكُرُواْ لِي } : تقدَّم أنَّ " شكر " يتعدَّى تارةً بنفسِ وتارةً بحرفِ جَرٍّ على حدٍّ سواءٍ على الصحيحِ ، وقال بعضُهم : إذا قلت : شكرْتُ لزيدٍ فمعناه شَكَرْتُ لزيدٍ صَنيعَه ، فَجَعَلُوه متعدِّياً لاثنينِ أحدُهما بنفسِه والآخرُ بحرفِ الجَرّ ، ولذلك فسَّر الزمخشري هذا الموضعَ بقولِه : " واشكُروا لي ما أَنْعَمْتُ به عليكم " . وقال ابن عطية : " واشكروا لي واشكروني بمعنى واحد ، و " لي " أفصحُ وأشهرُ مع الشكر ، ومعناه نعمتي وأيادِيَّ ، وكذلك إذا قُلْتَ : شَكَرْتُك ، فالمعنى شَكَرْتُ لك صنيعك وذَكَرْتُه ، فَحَذَفَ المضافَ ، إذ معنى الشكرِ ذِكْرُ اليدِ وذِكْرُ مُسْدِيها معاً ، فما حُذِفَ مِنْ ذلك فهو اختصارٌ لدلالةِ ما بقي على ما حُذِفَ " .