الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{فَٱذۡكُرُونِيٓ أَذۡكُرۡكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لِي وَلَا تَكۡفُرُونِ} (152)

قوله تعالى : { فاذكرونى أَذْكُرْكُمْ . . . } [ البقرة :152 ]

قال سعيد بن جُبَيْر : معنى الآية : اذكروني بالطاعةِ ، أذكركم بالثواب .

( ت ) وفي تفسير أحمد بن نصر الداوديِّ ، عن ابن جُبَيْر : اذكروني بطاعتِي ، أذكرْكُمْ بمغفرتي ، وروي أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : ( مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ ، فَقَدْ ذَكَر اللَّهَ ، وإِنْ قلَّت صلاته ، وصيامه ، وتلاوته القُرآن ، ومن عَصَى اللَّه ، فقد نَسِيَ اللَّه ، وإِن كَثُرَتْ صلاته ، وصيامه ، وتلاوته القُرآن ) انتهى .

وروى ابن المبارك في «رقائقه » بسنده عن أنس بن مالك ، قال : " مَا مِنْ بُقْعَةٍ يُذْكَرُ اللَّهُ عَلَيْهَا بصَلاةٍ أو بذكْرٍ إِلاَّ افتخرت على ما حَوْلَهَا من البِقَاعِ ، واستبشَرَتْ بذكْر اللَّه إِلى منتهاها منْ سبعِ أرَضِينَ ، وما مِنْ عَبْدٍ يقومُ يصلِّي إِلا تزخرفَتْ له الأرض " قال ابنُ المُبَارك : وأخبرنا المسعوديُّ عن عَوْنِ بنِ عبدِ اللَّهِ ، قال : الذاكِرُ في الغافِلِينَ ، كالمقاتل خَلْف الفارِّين ، انتهى .

وقال الربيعُ والسِّدّي : المعنى : اذكروني بالدعاءِ ، والتسبيحِ ، ونحوه ، وفي صحيح البخاريِّ ومسلمٍ ، وغيرهما ، عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه- قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وتعالى : ( أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي ، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ، ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي ، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإِ ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلإِ خَيْرٍ مِنْهُمْ . . . ) " الحديثَ ، انتهى .

{ واشكروا لِي } ، أي : نعمي وأيادِيَّ ، { وَلاَ تَكْفُرُونِ }[ البقرة :152 ] أي : نعمي وأياديَّ .

( ت ) وعن جابر ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( مَا أَنْعَمَ اللَّهُ على عَبْدٍ مِنْ نِعْمَةٍ ، فَقَالَ : الحَمْدُ لِلَّهِ إِلاَّ وَقَدْ أدى شُكْرَهَا ، فَإِنْ قالها الثانيةَ ، جدَّد اللَّهُ لها ثوابَهَا ، فَإن قالها الثالثةَ ، غفر اللَّه له ذُنوبَه ) رواه الحاكمُ في «المستَدْرَكِ » ، وقال : صحيح . انتهى من «السِّلاح » .