الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَٱذۡكُرُونِيٓ أَذۡكُرۡكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لِي وَلَا تَكۡفُرُونِ} (152)

ومعنى ( فَاذْكُرُونِي( {[4829]} ) أَذْكُرْكُمْ ) [ 151 ] .

قال ابن عباس : " إذا ذكر الله العبدُ وهو على طاعته ذكره برحمته ، وإذا ذكره وهو على معصيته ذكره بلعنته " .

وقال عكرمة : " يقول الرب : يا ابن آدم اذكرني( {[4830]} ) بعد صلاة الصبح ساعة وبعد صلاة العصر ساعة ، وأنا أكفيك ما بينهما " .

وقال ابن جبير : " اذكروني بالطاعة أذكركم بالمغفرة " ( {[4831]} ) .

وقال الربيع في الآية : " إن الله ذاكر من ذكره ، وزائد من شكره ، ومعذب من كفره " ( {[4832]} ) .

وكان بعضهم يتأوله من الذكر والثناء والمدح( {[4833]} ) .

وقيل : المعنى : اذكروني واذكروا نعمتي عليكم شكراً لها ، أذكركم برحمتي والزيادة من النعمة .

وقال السدي : " ليس من عبد يذكر الله إلا ذكره الله جل وعز( {[4834]} ) ، لا يذكره مؤمن إلا ذكره برحمته ، ولا يذكره كافر إلا ذكره بعذاب " ( {[4835]} ) . والذكر فيما روي عن عمر رضي الله عنه( {[4836]} ) ذكران . أحدهما أفضل من الآخر وهما : /ذكر الله عند أوامره ونواهيه ، وذكر الله بلسانه بالثناء عليه . فالأول أفضل ، وكلاهما فيه فضل وأجر وثواب ، غلا أن ذِكْر الله عند أمره ونهيه –فيفعل ما أمر به وينتهي عما نهى عنه- أفضل من ذكره باللسان مع مخالفة أمره ونهيه . والفضل كله والشرف والأجر( {[4837]} ) والثواب في اجتماعهما من الإنسان . وهو ألا ينسى ذكر الله عند أمره فيأتمر( {[4838]} ) ، وعند( {[4839]} ) نهيه فينتهي ، ولا ينساه( {[4840]} ) من ذكره بلسانه .

وكذلك الصبر صبران . وهما : الصبر على الطاعة وعن المعصية ، /والصبر على المصيبة( {[4841]} ) . والأول أفضل( {[4842]} ) .

وقوله : ( وَاشْكُرُوا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ ) [ 151 ] .

أي اشكروه على نعمة الإسلام والهدى ولا تجحدوا إحسانه إليكم ونعمه( {[4843]} ) عندكم .

والشكر معناه الثناء على الرجل بأفعاله المحمودة( {[4844]} ) .

ومعنى الكفر التغطية للشي( {[4845]} ) .


[4829]:- في ع1، ع3: اذكروني.
[4830]:- في ع3: اذكروني.
[4831]:- انظر: المحرر الوجيز 2/19، وتفسير القرطبي 2/171.
[4832]:- انظر: جامع البيان 3/211.
[4833]:- انظر: هذا التأويل في المصدر السابق.
[4834]:- في ع3: عز وجل.
[4835]:- انظر: جامع البيان 3/212، وتفسير القرطبي 2/171.
[4836]:- سقط لفظ "عنه" من ق، ع3.
[4837]:- قوله "والأجر" ساقط من ع2، ع3.
[4838]:- في ع2: فيأتمروا.
[4839]:- سقط حرف الواو من ق، ع3.
[4840]:- في ق: ينسيه.
[4841]:- في ع3: المعصية.
[4842]:- انظر: هذا التوجيه في تفسير ابن كثير 1/196.
[4843]:- في ع2: نعمة.
[4844]:- انظر: اللسان 2/344.
[4845]:- انظر: مفردات الراغب 451، واللسان 3/273.