لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَلِكُلّٖ وِجۡهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَاۖ فَٱسۡتَبِقُواْ ٱلۡخَيۡرَٰتِۚ أَيۡنَ مَا تَكُونُواْ يَأۡتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (148)

قوله عز وجل : { ولكل وجهة } أي ولكل أهل ملة قبلة ، والوجهة اسم للمتوجه إليه . وقيل الوجهة الهيئة والحالة في التوجه إلى القبلة ، وقيل في قوله : { ولكل وجهة } إن المراد به جميع المؤمنين ، أي ولكل أهل جهة من الآفاق وجهة من الكعبة يصلون إليها . وقيل : المراد بالوجهة المنهاج والشرع والمعنى ولكل قوم شريعة وطريقة لأن الشرائع مصالح للعباد فلهذا اختلفت الشرائع بحسب اختلاف الزمان والأشخاص { هو موليها } أي مستقبلها والمعنى أن لكل أهل ملة وجهة هو مول وجهه إليها ، وقيل : متوليها أي مختارها وقيل : إن هو عائد على اسم الله تعالى ، والمعنى إن الله موليها إياه ، وقرئ مولاّها أي مصروف إليها { فاستبقوا الخيرات } أي بادروا بالطاعات وقبول الأوامر وفيه حث على المبادرة إلى الأولوية والأفضلية . فعلى هذا تكون الآية دليلاً لمذهب الشافعي في أن الصلاة أول الوقت أفضل لقوله : فاستبقوا الخيرات لأن ظاهر الأمر للوجوب ، فإذا لم يتحقق الوجوب فلا أقل من الندب { أينما تكونوا } يعني أنتم وأهل الكتاب { يأت بكم الله جميعاً } يعني يوم القيامة فهو وعد لأهل الطاعة بالثواب ووعيد لأهل المعصية بالعقاب { إن الله على كل شيء قدير } أي على الإعادة بعد الموت والإثابة لأهل الطاعة والعقاب لمستحق العقوبة .