{ ومن حيث خرجت فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره } فإن قلت : هل في هذا التكرار فائدة . قلت : فيه فائدة عظيمة جليلة وهي أن هذه الواقعة أول الوقائع التي ظهر النسخ فيها في شرعنا ، فدعت الحاجة إلى التكرار لأجل التأكيد والتقرير وإزالة الشبهة ، وإيضاح البيان فحسن التكرار فيهم لنقلهم من جهة إلى جهة { لئلا يكون للناس عليكم حجة } قيل : أراد بالناس أهل الكتاب : وقيل : هو على العموم وقيل هم قريش واليهود فأما قريش فقالوا : رجع محمد إلى الكعبة لأنه علم أنها الحق وأنها قبلة أبيه وسيرجع إلى ديننا كما رجع إلى قبلتنا وقالت اليهود : لم ينصرف محمد عن بيت المقدس مع علمه أنه حق إلاّ أنه يعمل برأيه فعلى هذا يكون الاستثناء في قوله : إلاّ الذين ظلموا منهم متصلاً صحيحاً والمعنى ، لا حجة لأحد عليكم إلاّ مشركو قريش واليهود فإنهم يجادلونك الباطل والظلم ، وإنما سمي الاحتجاج بالباطل حجة ، لأن اشتقاقها من حجه إذا غلبه فكما تكون صحيحة فكذلك تسمى حجة وتكون باطلة قال الله تعالى :{ حجتهم داحضة عند ربهم } وقيل : هذا الاستثناء منقطع عن الكلام الأول ، ومعناه لكن الذين ظلموا منهم يجادلونك بالباطل كما قال النابغة :
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب
أي لكن سيوفهم بهن فلول ، وليس بعيب وقيل : في معنى الآية إن اليهود عرفوا أن الكعبة قبلة إبراهيم ووجدوا في التوراة أن محمداً سيحول إليها فتكون حجتهم أنهم يقولون إن النبي الذي نجده في كتابنا سيحول إلى الكعبة ولم تحول أنت فلما حول الكعبة ذهبت حجتهم { إلاّ الذين ظلموا منهم } أي إلاّ أن يظلموا فيكتموا ما عرفوا من الحق .
{ فلا تخشوهم } أي فلا تخافوهم في انصرافكم إلى الكعبة في تظاهرهم عليكم بالمجادلة الباطلة فإني وليكم وناصركم ، أظهركم عليهم بالحجة والنصرة { واخشوني } أي احذروا عقابي إن أنتم عدلتم عما ألزمتكم به وفرضته عليكم { ولأتم نعمتي عليكم } ولكي أتم نعمتي عليكم بهدايتي إلى قبلة إبراهيم لتتم لكم الملة الحنيفية . وقيل : تمام النعمة الموت على الإسلام ثم دخول الجنة ثم رؤية الله تعالى : { ولعلكم تهتدون } أي لكي تهتدوا من الضلالة . ولعل وعسى من الله واجب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.