لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{ٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهۡدَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مِيثَٰقِهِۦ وَيَقۡطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (27)

ثم وصفهم فقال تعالى : { الذين ينقضون } أي يخالفون ويتركون وأصل النقض الفسخ وفك المركب { عهد الله } أي أمر الله وأصل العهد حفظ الشيء ومراعاته حالاً بعد حال { من بعد ميثاقه } أي من بعد عقده وتوكيده وفي معنى هذا العهد أقوال أحدها أنه الذي أخذه عليهم يوم الميثاق وهو قوله تعالى : { ألست بربكم قالوا بلى } الثاني المراد به الذي أخذه على إجبار اليهود في التوراة أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ويبينوا نعته وصفته الثالث المراد به الكفار والمنافقون الذين نقضوا عهداً أبرمه الله تعالى وأحكمه بما أنزل في كتابه من الآيات الدالة على توحيده { ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل } يعني الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وجميع الرسل فآمنوا ببعض وكفروا ببعض وهم اليهود . وقيل أراد به قطع الأرحام التي أمر الله بوصلها { ويفسدون في الأرض } يعني بالمعاصي وتعويق الناس عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن { أولئك هم الخاسرون } أي المغبونون . وأصل الخسار النقص ثم قال تعالى لمشركي العرب على وجه التعجب لكن فيه تبكيت وتعنيف لهم .