تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهۡدَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مِيثَٰقِهِۦ وَيَقۡطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (27)

الآية 27 : وقوله تعالى : ( الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ) عهد الله يكون على وجهين : عهد خلقة : لما يشهد خلقه كل أحد على وحدانية الرب كقوله : ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) [ الذاريات : 21 ] وكقوله : ( أولم يتفكروا في أنفسهم ) [ الروم : 8 ] الآية ؛ إنه إن نظر في نفسه ، وتأمل عرف أنه له صانعا ، وأنه واحد لا شريك له . وعهد رسالة [ على ألسنة الأنبياء ]{[370]} والرسل صلوات الله عليهم كقوله : ( وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي ) الآية المائدة : 12 ] وكقوله : ( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب ) الآية [ آل عمران : 187 ] . فنقضوا العهدين جميعا : عهد الخلقة وعهد الرسالة .

وقوله تعالى : ( ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ) يحتمل وجهين : يقطعون الإيمان ببعض الرسل ، وقد أمروا بالوصل كقوله : ( نؤمن ببعض ونكفر ببعض ) [ النساء : 150 ] . وقيل : يقطعون ما أمر الله به من صلة الأرحام .

وقوله تعالى : ( ويفسدون في الأرض ) قيل [ فيه ]{[371]} في الأرض [ بالفساد ]{[372]} كقوله : ( يأمرون بالمنكر وينهون عن المنكر ) [ التوبة : 67 ] . وقيل : يفسدون أي يتعاطون بأنفسهم في الأرض /6-ب/ بالفساد كقوله{[373]} : ( ويسعون في الأرض فسادا ) [ المائدة : 33 و 64 ] .

وقوله تعالى : ( أولئك هم الخاسرون ) يحتمل أيضا وجهين : خسروا لما [ فات عنهم ، وذهب ]{[374]} من المنى والأماني في الدنيا .

وروي عن الحسن أنه قال : في قوله : ( هم الخاسرون ) ( أي قذفوا بأنفسهم باختيارهم الكفر بين أطباق النار ، فذلك هو الخسران المبين ) .


[370]:من ط م، ساقطة من الأصل و ط ع.
[371]:- من ط م و ط ع، يؤمر، في ط ع: يؤمرون.
[372]:- من ط م، في الأصل و ط ع: و.
[373]:-من ط م، في الأصل و ط ع: كقوله.
[374]:- من ط م و ط ع،، في الأصل: عنهم ذهب.